كل عدو وصديق ، ثم ان سكينة بنت الحسين عليهالسلام اعتنقت جسد أبيها فاجتمع عدة من الاعراب حتى جروها عنه.
ولما رحل ابن سعد عن كربلا خرج قوم من بني أسد كانوا نزولا بالغاضرية الى الحسين عليهالسلام وأصحابه فصلوا على تلك الجثث الطواهر ودفنوها ، فدفنوا الحسين عليهالسلام حيث قبره الآن ودفنوا ابنه عليا الأكبر عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته ولأصحابه الذين صرعوا حوله مما يلي رجلي الحسين عليهالسلام ، فجمعوهم فدفنوهم جميعا في حفيرة واحدة وسووا عليهم التراب ويقال ان أقربهم دفنا الى الحسين عليهالسلام ولده علي الأكبر ، فيزورهم الزائر من عند قبر الحسين عليهالسلام ويومي الى الأرض التي نحو رجليه بالسلام عليهم. ودفنوا العباس بن علي عليهماالسلام في موضعه الذي قتل فيه على المسناة بطريق الغاضرية حيث قبره الآن ، ودفنوا بقية الشهداء حول الحسين عليهالسلام في الحائر.
قال المفيد عليه الرحمة : ولسنا نحصل لهم أجداثا على التحقيق والتفصيل الا أنا لا نشك ان الحائر محيط بهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
وسار ابن سعد بسبايا أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلما قاربوا الكوفة اجتمع أهلها للنظر إليهن ، فأشرفت امرأة من الكوفيات وقالت : من أي الأسارى انتن؟ فقلن لها : نحن أسارى آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنزلت من سطحها فجمعت لهن ملاء وأزرا ومقانع ، وجعل أهل الكوفة ينوحون ويبكون ، فقال علي بن الحسين عليهماالسلام : اتنوحون وتبكون من أجلنا فمن ذا الذي قتلنا؟ قال بشر بن خزيم الأسدي : ونظرت الى زينب بنت علي عليهماالسلام يومئذ فلم أر خفرة انطق منها كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد أو مأت الى الناس ان اسكتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس (١) ، ثم قالت:
__________________
(١) جمع جرس وهو الصوت أو خفيه (منه).