حتى قام اليه عبد الله بن عفيف الأزدي وكان من خيار الشيعة وزهادها ، وكانت عينه اليسرى ذهبت في يوم الجمل والأخرى في يوم صفين ، وكان يلازم المسجد الأعظم يصلي فيه الى الليل ثم ينصرف ، فقال : يا ابن مرجانة ان الكذب ابن الكذاب أنت وأبوك ومن استعملك وأبوه يا عدو الله ، اتقتلون أبناء النبيين وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المسلمين ، فغضب ابن زياد وقال : من هذا المتكلم فقال : أنا المتكلم يا عدو الله أتقتل الذرية الطاهرة التي قد اذهب الله عنها الرجس وطهرهم تطهيرا وتزعم انك على دين الاسلام ، وا غوثاه أين أولاد المهاجرين والأنصار ينتقمون منك ومن طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين ، فازداد غضب ابن زياد حتى انتفخت أوداجه وقال : عليّ به ، فتبادرت اليه الجلاوزة من كل ناحية ليأخذوه ، فنادى بشعار الأزد يا مبرور وفي الكوفة يومئذ من الأزد سبعمائة مقاتل فاجتمعوا وانتزعوه من الجلاوزة ، وقيل وثب اليه فتيان منهم ، وقيل قامت الأشراف من الأزد من بني عمه فخلصوه منهم وأخرجوه من باب المسجد وانطلقوا به الى منزله ، فقال ابن زياد : اذهبوا الى هذا الأعمى أعمى الأزد أعمى الله قلبه كما أعمى عينيه فأتوني به ، فلما بلغ ذلك الأزد اجتمعوا واجتمعت معهم قبائل اليمن ليمنعوا صاحبهم ، وبلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر وضمهم الى محمد بن الأشعث وأمره بقتال القوم ، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى قتل بينهم جماعة من العرب ووصل أصحاب ابن زياد الى دار عبد الله بن عفيف فكسروا الباب واقتحموا عليه ، فصاحت ابنته أتاك القوم من حيث تحذر ، فقال : لا عليك ناوليني سيفي فناولته إياه فجعل يذب عن نفسه ويقول :
أنا ابن ذي الفضل عفيف الطاهر |
|
عفيف شيخي وابن أم عامر |
كم دارع من قومكم وحاسر |
|
وبطل جدلته مغاور |