متقربا الى الله بدمك ، قال : إذن لا يقربك الله منه بل يباعدك ، قال : شيخ قد ذهب عقله وخلى سبيله.
ولما أصبح ابن زياد أمر برأس الحسين عليهالسلام فطيف به في سكك الكوفة كلها وقبائلها ، فروي عن زيد بن أرقم انه قال : مر به علي وهو على رمح وأنا في غرفة لي ، فلما حاذاني سمعته يقرأ : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) (١) فوقف والله شعري وناديت رأسك والله يا ابن رسول الله أعجب وأعجب. ولما فرغ القوم من التطواف به في الكوفة ردوه الى باب القصر ويحق التمثل هنا بقول بعض الشعراء يرثي قتيلا من آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
رأس ابن بنت محمد ووصيه |
|
للناظرين على قناة يرفع |
والمسلمون بمنظر وبمسمع |
|
لا منكر منهم ولا متفجع |
كحلت بمنظرك العيون عماية |
|
واصم رزؤك كل اذن تسمع |
ايقظت أجفانا وكنت لها كرى |
|
وأنمت عينا لم تكن بك تهجع |
ما روضة الا تمنت انها |
|
لك حفرة ولخط قبرك مضجع |
ثم ان ابن زياد نصب الرؤوس كلها بالكوفة على الخشب وهي أول رؤوس نصبت في الاسلام بعد رأس مسلم بن عقيل بالكوفة. (وكتب) ابن زياد الى يزيد يخبره بقتل الحسين عليهالسلام وخبر أهل بيته ، وتقدم الى عبد الملك بن الحارث السلمي فقال : انطلق حتى تأتي عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة (وكان أميرا عليها وهو من بني أمية) فتبشره بقتل الحسين عليهالسلام ، وقال : لا يسبقنك الخبر اليه ، قال عبد الملك : فركبت راحلتي وسرت نحو المدينة فلقيني رجل من قريش ، فقال : ما الخبر؟ قلت : الخبر عند الأمير تسمعه ، قال : انا لله وانا إليه راجعون قتل والله
__________________
(١) سورة الكهف ، الآية : ٦.