أسماء بن خارجة : يا ابن الأخ اني والله لهذا الرجل لخائف فما ترى؟ قال : يا عم والله ما أتخوف عليك شيئا ولم تجعل على نفسك سبيلا ، ولم يكن حسان يعلم مما كان شيئا وكان محمد بن الأشعث عالما به ، فجاء هاني والقوم معه حتى دخلوا على عبيد الله ، فلما طلع قال عبيد الله لشريح القاضي وكان جالسا عنده :
أنتك بخائن رجلاه تسعى |
|
يقود النفس منها للهوان |
فلما دنى من ابن زياد التفت الى شريح وأشار الى هاني وأنشد بيت عمرو بن معد يكرب الزبيدي :
أريد حياته (حباءه خ ل) ويريد قتلي |
|
عذيرك من خليلك من مراد |
وكان أول ما قدم مكرما له ملطفا به ، فقال له هاني : وما ذاك أيها الأمير؟ قال : ايه يا هاني ما هذه الأمور التي تربص في دارك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين جنت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له الجموع والسلاح في الدور حولك وظننت ان ذلك يخفى علي ، قال : ما فعلت ذلك وما مسلم عندي ، قال : بلى قد فعلت ، فلما كثر ذلك بينهما وأبى هاني الا مجاحدته ومناكرته دعا ابن زياد معقلا ذلك العين فقال : أتعرف هذا؟ قال : نعم ، وعلم هاني عند ذلك انه كان عينا عليهم وانه قد أتاه بأخبارهم فسقط في يده(١) ساعة ثم راجعته نفسه فقال : اسمع مني وصدق مقالتي فو الله ما كذبت والله ما دعوته الى منزلي ولا علمت بشيء من أمره حتى جاءني يسألني النزول فاستحييت من رده وداخلني من ذلك ذمام فضيفته وآويته وقد كان من أمره ما قد بلغك ، فان شئت اعطيتك الآن موثقا تطمئن به ورهينة تكون في يدك حتى انطلق وأخرجه من داري فاخرج من ذمامه وجواره ، فقال له ابن زياد : والله لا تفارقني أبدا حتى تأتيني به ، قال : لا والله لا أجيئك به أبدا
__________________
(١) أي بهت وتحير ولا يكون الا مبنيا للمفعول (منه).