بها بحير (١) بن ريسان الحميري عامل اليمن الى يزيد بن معاوية وعليها الورس والحلل ، فأخذ الهدية وقال لأصحاب الجمال : من أحب ان ينطلق معنا الى العراق وفيناه كراه واحسنا معه صحبته ومن أحب ان يفارقنا أعطيناه كراه بقدر ما قطع من الطريق ، فمضى معه قوم وامتنع آخرون فمن فارق أعطاه حقه ومن سار معه أعطاه كراه وكساه ثم سار عليهالسلام حتى أتى الصفاح (٢) فلقيه الفرزدق الشاعر.
قال الفرزدق : حججت بأمي سنة ستين ، فبينما انا أسوق بعيرها حتى دخلت الحرم اذ لقيت الحسين عليهالسلام خارجا من مكة معه أسيافه وأتراسه ، فقلت : لمن هذا القنطار فقيل للحسين بن علي عليهماالسلام ، فأتيته وسلمت عليه وقلت له : اعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب بأبي انت وأمي يا ابن رسول الله ما أعجلك عن الحج ، فقال : لو لم أعجل لأخذت ، ثم قال لي : من أنت؟ قلت : رجل من العرب فلا والله ما فتشني عن أكثر من ذلك ، ثم قال لي : اخبرني عن الناس خلفك ، فقلت : الخبير سألت قلوب الناس معك وأسيافهم عليك والقضاء ينزل من السماء. والله يفعل ما يشاء ، فقال : صدقت لله الأمر من قبل ومن بعد وكل يوم ربنا هو في شأن ، ان نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على اداء الشكر ، وان حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سيرته ، فقلت له : أجل بلغك الله ما تحب وكفاك ما تحذر ، وسألته عن أشياء من نذور ومناسك فأخبرني بها ، وحرك راحلته وقال : السلام عليك.
__________________
(١) بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة (منه).
(٢) الصفاح بوزن كتاب قال ياقوت في معجم البلدان انه موضع بين حنين وانصاب الحرم على يسرة الداخل الى مكة من مشاش وهناك لقي الفرزدق الحسين بن علي عليهماالسلام ا ه. وقال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص انه لقيه ببستان بني عامر (منه).