وسمع عبد الله بن عمر بخروجه فقدم راحلته وخرج خلفه مسرعا فأدركه في بعض المنازل ، فقال : اين تريد يا ابن رسول الله؟ قال : العراق ، قال : مهلا ارجع الى حرم جدك ، فأبى الحسين عليهالسلام ، فلما رأى ابن عمر اباءه قال : يا أبا عبد الله اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبله منك ، فكشف الحسين عليهالسلام عن سرته فقبلها ابن عمر ثلاثا وبكى وقال : استودعك الله يا أبا عبد الله فانك مقتول في وجهك هذا. وفي رواية انه قبل ما بين عينيه وبكى وقال : استودعك الله من قتيل.
ولما خرج الحسين عليهالسلام من مكة اعترضته رسل عمرو بن سعيد بن العاص أمير الحجاز من قبل يزيد (١) عليهم أخوه يحيى بن سعيد ليردوه فأبى عليهم ، وتدافع الفريقان وتضاربوا بالسياط ثم امتنع عليهم الحسين عليهالسلام وأصحابه امتناعا شديدا ومضى الحسين عليهالسلام على وجهه فبادروا وقالوا : يا حسين الا تتقي الله تخرج من الجماعة وتفرق بين هذه الأمة ، فقال : لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وانا بريء مما تعملون.
وعن علي بن الحسين عليهالسلام قال : خرجنا مع الحسين عليهالسلام فما نزل منزلا ولا ارتحل منه الا ذكر يحيى بن زكريا وقتله ، وقال يوما ، ومن هوان الدنيا على الله ان رأس يحيى بن زكريا أهدي الى بغي من بغايا بني اسرائيل.
وكتب عمرو بن سعيد وهو والي المدينة بأمر الحسين عليهالسلام الى يزيد ، فلما قرأ الكتاب تمثل بهذا البيت :
فان لا تزر أرض العدو وتأته |
|
يزرك عدو او يلومنك كاشح |
ثم سار عليهالسلام حتى مر بالتنعيم ، فلقي هناك عيرا تحمل هدية قد بعث
__________________
(١) وذلك لأنه كان بمكة عند سفر الحسين عليهالسلام الى العراق كما مر في الحواشي السابقة (منه).