الله ان رأس يحيى بن زكريا أهدي الى بغي من بغايا بني اسرائيل ، أما تعلم ان بني اسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئا ، فلم يعجل الله عليهم بل أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز ذي انتقام ، اتق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعن نصرتي ، وكان الحسين عليهالسلام يقول : وايم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقتلوني ، والله ليعتدن علي كما اعتدت اليهود في السبت ، والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فاذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرام (١) المرأة.
وجاءه محمد بن الحنفية في الليلة التي أراد الحسين عليهالسلام الخروج في صبيحتها عن مكة ، فقال له : يا أخي ان أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك وقد خفت ان يكون حالك كحال من مضى ، فان رأيت ان تقيم فانك أعز من بالحرم وأمنعه ، فقال : يا أخي قد خفت ان يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت ، فقال له ابن الحنيفة : فان خفت ذلك فصر الى اليمن او بعض نواحي البر فانك امنع الناس به ولا يقدر عليك أحد ، فقال : أنظر فيما قلت ، فلما كان السحر ارتحل الحسين عليهالسلام فبلغ ذلك ابن الحنيفة ، فأتاه فأخذ بزمام ناقته وقد ركبها فقال : يا أخي ألم تعدني النظر فيما سألتك ، قال : بلى ، قال : فما حداك على الخروج عاجلا ، قال : أتاني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ما فارقتك فقال : يا حسين اخرج فان الله قد شاء ان يراك قتيلا ، فقال محمد بن الحنفية : انا لله وانا اليه راجعون فما معنى حملك هؤلاء النسوة معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال ، فقال : ان الله قد شاء ان يراهن سبايا ، فسلم عليه ومضى.
__________________
(١) الفرام ، خرقة الحيض (منه).