كل مسيل ، ثم انتظر حتى اذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه اكثروا من الماء فاستقوا واكثروا ، وكان لا يمر بماء الا أتبعه من عليه ، ثم ارتحلوا فسار حتى انتهى الى زبالة ، فأتاه بها خبر عبد الله بن يقطر وهو أخو الحسين عليهالسلام من الرضاعة وكان سرحه الى مسلم بن عقيل من الطريق وهو لا يعلم بقتله ، فأخذته خيل الحصين فسيره من القادسية الى ابن زياد ، فقال له : اصعد فوق القصر والعن الكذاب ابن الكذاب ثم أنزل حتى أرى فيك رأيي ، فصعد فاعلم الناس بقدوم الحسين عليهالسلام ولعن ابن زياد وأباه ، فألقاه من القصر فتكسرت عظامه وبقي به رمق ، فأتاه رجل يقال له عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه فعيب عليه ، فقال : أردت ان أريحه ، فلما بلغ الحسين عليهالسلام خبره اخرج الى الناس كتابا فقرأ عليهم وفيه:
بسم الله الرحمن الرحيم ، اما بعد فانه قد أتاني خبر فظيع قتل مسلم ابن عقيل وهاني بن عروة وعبد الله بن يقطر وقد خذلنا شيعتنا ، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج ليس عليه ذمام ، فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة ونفر يسير ممن انضموا اليه ، وكان قد اجتمع اليه مدة مقامه بمكة نفر من أهل الحجاز ونفر من أهل البصرة ، وانما فعل ذلك لعلمه بأن أكثر من اتبعوه انما اتبعوه ظنا منهم انه يقدم بلدا قد استقامت له طاعة أهله ، فكره ان يسيروا معه الا وهم يعلمون ما يقدمون عليه وقد علم انه اذا بين لهم لم يصحبه الا من يريد مواساته والموت معه وقيل ان خبر مسلم وهاني اتاه في زبالة أيضا.
وقال السيد (١) ان الفرزدق لقي الحسين عليهالسلام فسلم عليه وقال : يا ابن رسول الله كيف تركن الى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك
__________________
(١) ظاهر كلام السيد ان لقاء الفرزدق للحسين عليهالسلام كان بعد خروجه من زبالة ، وقد تقدم انه لقيه في الحرم وهي رواية المفيد ، ويمكن ان يكون لقاء الفرزدق له ثانيا بعد رجوعه من الحج (منه).