سأمضي وما بالموت عار على الفتى |
|
اذا ما نوى حقا وجاهد مسلما |
وواسى الرجال الصالحين بنفسه |
|
وفارق مثبورا وودع مجرما |
أقدم نفسي لا أريد بقاءها |
|
لتلقى خميسا في الوغى وعرمرما |
فان عشت لم أندم وان مت لم ألم |
|
كفى بك ذلا ان تعيش وترغما |
فلما سمع الحر ذلك تنحى عنه وجعل يسير ناحية عن الحسين عليهالسلام.
ولم يزل الحسين عليهالسلام سائرا حتى انتهوا الى عذيب الهجانات (١) فاذا هم بأربعة نفر قد أقبلوا من الكوفة لنصرة الحسين عليهالسلام على رواحلهم وفيهم نافع بن هلال البجلي وهو يجنب فرسا له يقال له الكامل ومعهم دليل يقال له الطرماح بن عدي الطائي وكان قد امتار لأهله من الكوفة ميرة ، فأراد الحر حبسهم أو ردهم الى الكوفة فمنعه الحسين عليهالسلام من ذلك وقال: لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي انما هؤلاء أنصاري وهم بمنزلة من جاء معي فان بقيت على ما كان بيني وبينك والا ناجزتك ، فكف الحر عنهم.
ثم سألهم الحسين عليهالسلام عن خبر الناس فقالوا : أما الاشراف فقد استمالهم ابن زياد بالأموال فهم إلب واحد عليك ، وأما سائر الناس فأفئدتهم لك وسيوفهم مشهورة عليك ، قال : فهل لكم علم برسولي قيس بن مسهر؟ قالوا : نعم قتله ابن زياد ، فترقرقت عينا الحسين عليهالسلام ولم يملك دمعته ثم قال : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (٢) اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك وقال له الطرماح بن عدي : أذكرك الله في نفسك لا يغرنك أهل الكوفة فو الله ان دخلتها لتقتلن واني لأخاف ان لا تصل اليها وما رأى
__________________
(١) العذيب : موضع كان النعمان بن المنذر يضع فيه هجانه لترعى ، فسمي عذيب الهجانات (منه).
(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ٢٣.