معك كثير أحد ولو لم يقاتلك الا هؤلاء لكفى ، ولقد رأيت قبل خروجي من الكوفة جمعا عظيما يريدون المسير اليك فأنشدك الله ان قدرت ان لا تقدم اليهم شبرا فافعل ، وطلب منه ان يذهب معه الى بلاد قومه (١) حتى يرى رأيه وان ينزل جبلهم أجاء ويبعث الى من بأجاء وسلمى وهما جبلان لطيء ، وتكفل له بعشرين ألف طائي يضربون بين يديه بأسيافهم ، فجزاه الحسين عليهالسلام وقومه خيرا وقال له : ان بيننا وبين القوم قولا لا نقدر معه على الانصراف ، فان يدفع الله عنا فقديما ما أنعم علينا وكفى ، وان يكن ما لا بد منه ففوز وشهادة ان شاء الله. وسار الطرماح مع الحسين عليهالسلام ثم ودعه ووعده ان يوصل الميرة لأهله ويعود لنصره ، فلما عاد بلغه خبر قتله في عذيب الهجانات فرجع.
وقال الحسين عليهالسلام لأصحابه : هل فيكم أحد يعرف الطريق على غير الجادة؟ فقال الطرماح بن عدي : نعم يا ابن رسول الله انا أخبر الطريق ، قال : سر بين أيدينا فسار الطرماح أمامهم وجعل يرتجز ويقول :
يا ناقتي لا تذعري من زجر |
|
وامضي بنا قبل طلوع الفجر |
نجيز فتيان وخير سفر |
|
آل رسول الله آل الفخر |
السادة البيض الوجوه الزهر |
|
الطاعنين بالرماح السمر |
الضاربين بالسيوف البتر |
|
حتى تجلي بكريم النجر |
الماجد الجد الرحيب الصدر |
|
أصابه الله بخير أمر |
عمره الله بقاء الدهر |
|
يا مالك النفع معا والضر |
اين حسينا سيدي بالنصر |
|
على الطغاة من بقايا الكفر |
على اللعينين سليلي صخر |
|
يزيد لا زال حليف الخمر |
__________________
(١) وهي المعروفة الآن بجبل شمر ، وحيث انها على طريق الذاهب الى العراق فلا يمنعهم الحر من التوجه نحوها بعد ان رضي بأخذهم طريقا لا يدخلهم الكوفة ولا يرجعهم الى المدينة (منه).