وابن زياد العهر بن العهر
ولم يزل الحسين عليهالسلام سائرا حتى انتهى الى قصر بني مقاتل (١) فنزل به وقيل الى القطقطانة (٢) ، فرأى فسطاطا مضروبا فسأل عنه فقيل انه لعبيد الله بن الحر الجعفي ، وكان من شجعان أهل الكوفة ، فأرسل اليه الحسين عليهالسلام يدعوه ، فاسترجع وقال : والله ما خرجت من الكوفة الا كراهية أن يدخلها الحسين وانا بها وأبى أن يأتي ، فجاء اليه الحسين عليهالسلام ودعاه الى نصرته فاستعفاه ، فقال له الحسين عليهالسلام : فان لم تكن ممن ينصرنا فاتق ان تكون ممن يقاتلنا ، فو الله لا يسمع واعيتنا احد ثم لا ينصرنا الا هلك ، فقال : اما هذا فلا يكون أبدا ان شاء الله تعالى.
وفي رواية انه قال للحسين عليهالسلام : ولكن هذا فرسي خذه اليك فو الله ما ركبته قط وانا أروم شيئا الا بلغته ولا أرادني أحد الا نجوت عليه ، فاعرض عنه الحسين عليهالسلام بوجهه وقال : لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك ، ثم تلا : (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)(٣).
فلما كان آخر الليل أمر الحسين عليهالسلام فتيانه فاستقوا من الماء ثم أمر بالرحيل فارتحل من قصر بنى مقاتل ليلا ، قال عقبة بن سمعان : فسرنا معه ساعة فخفق وهو على ظهر فرسه خفقة ثم انتبه وهو يقول : انا لله وانا اليه
__________________
(١) في معجم البلدان قصر مقاتل بين عين التمر والشام ، وقال السكوني : هو قرب القطقطانة وهو منسوب الى مقاتل بن حسان ، انتهى المعجم ، ولم يذكر قصر بني مقاتل ، فأما ان لفظة بني من زيادة النساخ او انه صار أخيرا ينسب الى بني مقاتل. وعين التمر هي المعروفة الآن بشفاثا (منه).
(٢) بقافين مضمومين بينهما طاء ساكنة فطاء فألف فنون فهاء ، قال ياقوت ورواه الأزهري بالفتح موضع قرب الكوفة من جهة البرية بالطف كان به سجن النعمان بن المنذر.
وقال أبو عبيد الله السكوني القطقطانة بالطف بينها وبين الرهيمة مغربا نيف وعشرون ميلا اذا خرجت من القادسية تريد الشام ومنه الى قصر مقاتل (منه).
(٣) سورة الكهف ، الآية : ٥١.