فيه بالتضييق عليك وقد جعل علي عينا يطالبني بذلك ، فقال له الحسين عليهالسلام : دعنا ويحك ننزل في هذه القرية أو هذه يعني نينوى والغاضرية او هذه يعني شفية ، فقال : لا أستطيع هذا رجل قد بعث علي عينا. فقال زهير بن القين للحسين عليهالسلام ، اني والله لا أرى ان يكون بعد الذي ترون الا أشد مما ترون ، يا ابن رسول الله ان قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا بعدهم ، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به ، فقال الحسين عليهالسلام : ما كنت لأبدأهم بالقتال ، فقال له زهير : سر بنا الى هذه القرية حتى ننزلها فانها حصينة وهي على شاطىء الفرات فان منعونا قاتلناهم فقتالهم أهون علينا من قتال من يجيء بعدهم ، فقال الحسين عليهالسلام : ما هي؟ قال : العقر ، قال : اللهم أعوذ بك من العقر. وفي رواية ان زهيرا قال له : فسر بنا يا ابن رسول الله حتى ننزل كربلاء فانها على شاطىء الفرات فنكون هناك فان قاتلونا قاتلناهم واستعنا الله عليهم ، قال : فدمعت عينا الحسين عليهالسلام ثم قال : اللهم اني أعوذك من الكرب والبلاء.
ثم قام الحسين عليهالسلام خطيبا في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : انه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون وان الدنيا تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واستمرت حذاء (١) ولم يبق منها الا صبابة (٢) كصبابة الاناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل (٣) ، الا ترون الى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا فاني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما (٤). وقيل انه خطب بهذه الخطبة بذي جشم حين التقى مع الحر ، وقيل بكربلا والله أعلم ، فقام زهير بن القين فقال : قد سمعنا هداك
__________________
(١) لعله من قولهم رحم حذاء وجذاء بالحاء والجيم ، اي لم توصل (منه).
(٢) الصبابة بالضم بقية من الماء في الاناء (منه).
(٣) الوخيم (منه).
(٤) البرم بالتحريك ما يوجب السآمة والضجر (منه).