الله يا ابن رسول الله مقالتك ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلدين لآثرنا النهوض معك الى الاقامة فيها ، ووثب هلال بن نافع (نافع بن هلال خ ل) البجلي فقال : والله ما كرهنا لقاء ربنا وانا على نياتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك. وقام برير بن خضير (١) فقال : والله يا ابن رسول الله لقد منّ الله بك علينا ان نقاتل بين يديك وتقطع فيك أعضاؤنا ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة.
ثم ان الحسين عليهالسلام قام وركب وكلما أراد المسير يمنعونه تارة ويسايرونه أخرى حتى بلغ كربلاء يوم الخميس الثاني من المحرم سنة احدى وستين ، فلما وصلها قال : ما اسم هذه الأرض فقيل كربلاء فقال : اللهم اني أعوذ بك من الكرب والبلاء. ثم أقبل على أصحابه فقال : الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم فاذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون ثم قال : أهذه كربلا؟ قالوا : نعم يا ابن رسول الله ، فقال : هذا موضع كرب وبلاء انزلوا ههنا مناخ ركابنا ومحط رحالنا ومقتل رجالنا ومسفك دمائنا ، فتزلوا جميعا ونزل الحر وأصحابه ناحية ثم ان الحسين عليهالسلام جمع ولده واخوته وأهل بيته ثم نظر اليهم فبكى ساعة ، ثم قال : اللهم انا عترة نبيك محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد ازعجنا وطردنا وأخرجنا عن حرم جدنا وتعدت بنو أمية علينا ، اللهم فخذ لنا بحقنا وانصرنا على القوم الظالمين ، وجلس الحسين عليهالسلام يصلح سيفه ويقول :
يا دهر أف لك من خليل |
|
كم لك بالاشراق والأصيل |
من طالب وصاحب قتيل |
|
والدهر لا يقنع بالبديل |
وكل حي سالك سبيلي |
|
ما أقرب الوعد من الرحيل |
__________________
(١) برير بضم الباء الموحدة وفتح الراء المهملة وسكون الياء المثناة من تحت وآخره راء مهملة ، وخضير بالخاء والضاد المعجمتين (منه).