(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٨)
____________________________________
* بالإخلاص وترك النفاق (لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ) لا ينقصكم (شَيْئاً) من أجورها من لات يليت ليتا* إذا نقص وقرىء لا يألتكم من الألت وهى لغة غطفان أو شيئا من النقص (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لما فرط من المطيعين (رَحِيمٌ) بالتفضل عليهم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا) لم يشكوا من ارتاب مطاوع رابه إذا أوقعه فى الشك مع التهمة وفيه إشارة إلى أن فيهم ما يوجب نفى الإيمان عنهم وثم للإشعار بأن اشتراط عدم الارتياب فى اعتبار الإيمان ليس فى حال إنشائه فقط بل وفيما* يستقبل فهى كما فى قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَقامُوا) * (وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) فى طاعته على* تكثر فنونها من العبادات البدنية المحضة والمالية الصرفة والمشتملة عليها معا كالحج والجهاد (أُولئِكَ) * الموصوفون بما ذكر من الأوصاف الجميلة (هُمُ الصَّادِقُونَ) أى الذين صدقوا فى دعوى الإيمان لا غيرهم روى أنه لما نزلت الآية جاؤا وحلفوا أنهم مؤمنون صادقون فنزل لتكذيبهم قوله تعالى (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ) أى أتخبرونه بذلك بقولكم آمنا والتعبير عنه بالتعليم لغاية تشنيعهم (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) حال من مفعول تعلمون مؤكدة لتشنيعهم وقوله تعالى (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) تذييل مقرر لما قبله أى مبالغ فى العلم بجميع الأشياء التى من جملتها ما أخفوه من الكفر عند إظهارهم الإيمان وفيه مزيد تجهيل وتوبيخ لهم (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) أى يعدون إسلامهم منة عليك وهى النعمة التى لا يطلب موليها ثوابا ممن أنعم بها عليه من المن بمعنى القطع لأن المقصود بها* قطع حاجته وقيل النعمة الثقيلة من المن (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ) أى لا تعدوا إسلامكم منة على أو* لا تمنوا على بإسلامكم فنصب بنزع الخافض (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) على ما زعمتم مع أن* الهداية لا تستلزم الاهتداء وقرىء أن هداكم وإذ هداكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فى ادعاء الإيمان وجوابه محذوف يدل عليه ما قبله أى فلله المنة عليكم وفى سياق النظم الكريم من اللطف ما لا يخفى فإنهم لما سموا ما صدر عنهم إيمانا ومنوا به فنفى كونه إيمانا وسمى إسلاما قيل يمنون عليك بما هو فى الحقيقة إسلام وليس بجدير بالمن بل لو صح ادعاؤهم للإيمان فلله المنة عليهم بالهداية إليه لا لهم (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى ما غاب فيهما (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) فى سركم وعلانيتكم فكيف يخفى عليه