(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) (٢١)
____________________________________
حتما كان الصبر وعدمه سواء فى عدم النفع (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) أى فى أية جنات وأى نعيم على أن التنوين للتفخيم أو فى جنات ونعيم مخصوصة بالمتقين على أنه للتنويع (فاكِهِينَ) ناعمين متلذذين* (بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) وقرىء فكهين وفاكهون على أنه الخبر والظرف لغو متعلق بالخبر أو خبر آخر* (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) عطف على آتاهم على أن ما مصدرية أو على خبر إن أو حال بإضمار قد إما من المستكن فى الخبر أو فى الحال وإما من فاعل آتى أو من مفعوله أو منهما وإظهار الرب فى موقع الإضمار مضافا إلى ضميرهم للتشريف والتعليل (كُلُوا وَاشْرَبُوا) أى يقال لهم كلوا واشربوا* أكلا وشرابا (هَنِيئاً) أو طعاما وشرابا هنيئا وهو الذى لا تنغيص فيه (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بسببه أو بمقابلته وقيل الباء زائدة وما فاعل هنيئا أى هناكم ما كنتم تعملون أى جزاؤه (مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) مصطفة (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) وقرىء بحور عين على إضافة الموصوف إلى صفته بالتأويل المشهور وقرىء بعين عين والباء مع أن التزويج مما يتعدى إلى مفعولين لما فيه من معنى الوصل والإلصاق أو للسببية إذ المعنى صيرناهم أزواجا بسببهن فإن الزوجية لا تتحقق بدون انضمامهن إليهم وقوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا) الخ كلام مستأنف مسوق لبيان حال طائفة من أهل الجنة إثر بيان حال الكل وهم الذين شاركتهم* ذريتهم فى الإيمان وهو مبتدأ خبره ألحقنا بهم وقوله تعالى (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) عطف على آمنوا وقيل* اعتراض وقوله تعالى (بِإِيمانٍ) متعلق بالاتباع أى اتبعتهم ذريتهم بإيمان فى الجملة قاصر عن رتبة إيمان الآباء واعتبار هذا القيد للإيذان بثبوت الحكم فى الإيمان الكامل أصالة لا إلحاقا وقرىء ذرياتهم للمبالغة فى الكثرة وذرياتهم بكسر الذال وقرىء وأتبعناهم ذرياتهم أى جعلناهم تابعين لهم* فى الإيمان وقرىء اتبعتهم (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) أى فى الدرجة كما روى أنه عليه الصلاة والسلام قال* إنه تعالى يرفع ذرية المؤمن فى درجته وإن كانوا دونه لتقربهم عينه ثم تلا هذه الآية (وَما أَلَتْناهُمْ) * وما نقصنا الآباء بهذا الإلحاق (مِنْ عَمَلِهِمْ) من ثواب عملهم (مِنْ شَيْءٍ) بأن أعطينا بعض مثوباتهم أباءهم فتنقص مثوبتهم وتنحط درجتهم وإنما رفعناهم إلى منزلتهم بمحض التفضل والإحسان وقرىء