(وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (٢٣) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٢٥)
____________________________________
ألتناهم بكسر اللام من ألت يألت كعلم يعلم والأول كضرب يضرب ولتناهم من لات يليت وآلتناهم من آلت يؤلت وولتناهم من ولت يلت والكل بمعنى واحد هذا وقد قيل الموصول معطوف على حور والمعنى قرناهم بالحور وبالذين آمنوا أى بالرفقاء والجلساء منهم فيتمتعون تارة بملاعبة الحور وأخرى بمؤانسة الإخوان المؤمنين وقوله تعالى (وَاتَّبَعَتْهُمْ) عطف على (زَوَّجْناهُمْ) وقوله تعالى (بِإِيمانٍ) متعلق بما بعده أى بسبب إيمان عظيم رفيع المحل وهو إيمان الآباء ألحقنا بدرجاتهم ذريتهم وإن كانوا لا يستأهلونها تفضلا عليهم وعلى آبائهم ليتم سرورهم ويكمل نعيمهم أو بسبب إيمان دانى المنزلة وهو إيمان الذرية كأنه قيل بشىء من الإيمان لا يؤهلهم لدرجة الآباء ألحقناهم بهم (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) قيل هو فعيل* بمعنى مفعول والمعنى كل امرىء مرهون عند الله تعالى بالعمل الصالح فإن عمله فكه وإلا أهلكه وقيل بمعنى الفاعل والمعنى كل امرىء بما كسب راهن أى دائم ثابت وهذا أنسب بالمقام فإن الدوام يقتضى عدم المفارقة بين المرء وعمله ومن ضرورته أن لا ينقص من ثواب الآباء شىء فالجملة تعليل لما قبلها (وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) وزدناهم على ما كان لهم من مبادى التنعم وقتا فوقتا ما يشتهون من فنون النعماء وألوان الآلاء (يَتَنازَعُونَ فِيها) أى يتعاطون فيها هم وجلساؤهم بكمال رغبة واشتياق كما ينبىء عنه التعبير عن ذلك بالتنازع (كَأْساً) أى خمرا تسمية لها باسم محلها (لا لَغْوٌ فِيها) أى فى* شربها حيث لا يتكلمون فى أثناء الشرب بلغو الحديث وسقط الكلام (وَلا تَأْثِيمٌ) ولا يفعلون ما يؤثم* به فاعله أى ينسب إلى الإثم لو فعله فى دار التكليف كما هو ديدن المنادمين فى الدنيا وإنما يتكلمون بالحكم وأحاسن الكلام ويفعلون ما يفعله الكرام وقرىء لا لغو فيها ولا تأثيم بالفتح (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ) أى بالكأس (غِلْمانٌ لَهُمْ) أى مماليك مخصوصون بهم وقيل هم أولادهم الذين سبقوهم (كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) مصون فى الصدف من بياضهم وصفائهم أو مخزون لأنه لا يخزن إلا الثمين الغالى القيمة قيل لقتادة هذا الخادم فكيف المخدوم فقال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم والذى نفسى بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وعنه عليه الصلاة والسلام إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادى الخادم من خدامه فيجيبه ألف ببابه لبيك لبيك (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) أى يسأل كل بعض منهم بعضا آخر عن أحواله وأعماله فيكون كل بعض سائلا ومسؤلا لا أنه يسأل بعض معين منهم بعضا آخر معينا.