(عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨) أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) (٢٠)
____________________________________
(عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) أى الجنة التى يأوى إليها المتقون أو أرواح الشهداء والجملة حالية وقيل الأحسن أن يكون الحال هو الظرف وجنة المأوى مرتفع به على الفاعلية وقوله تعالى (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) ظرف زمان لرآه لا لما بعده من الجملة المنفية كما قيل فإن ما النافية لا يعمل بعدها فيما قبلها والغشيان بمعنى التغطية والستر ومنه الغواشى أو بمعنى الإتيان يقال فلان يغشانى كل حين أى يأتينى والأول هو الأليق بالمقام وفى إبهام ما يغشى من التفخيم ما لا يخفى وتأخيره عن المفعول للتشويق إليه أى ولقد رآه عند السدرة وقت ما غشيها مما لا يكتنهه الوصف ولا يفى به البيان كيفا ولا كما وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية استحضارا لصورتها البديعة وللإيذان باستمرار الغشيان بطريق التجدد وقيل يغشاها الجم الغفير من الملائكة يعبدون الله تعالى عندها وقيل يزورونها متبركين بها كما يزور الناس الكعبة وقيل يغشاها سبحات أنوار الله عزوجل حين يتجلى لها كما يتجلى للجبل لكنها أقوى من الجبل وأثبت حيث لم يصبها ما أصابه من الدك وقيل يغشاها فراش أو جراد من ذهب وهو قول ابن عباس وابن مسعود والضحاك وروى عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة ملكا قائما يسبح الله تعالى وعنه عليه الصلاة والسلام يغشاها رفرف من طير خضر (ما زاغَ الْبَصَرُ) أى ما مال بصر رسول الله صلىاللهعليهوسلم عما رآه (وَما طَغى) وما تجاوزه مع ما شاهد هناك من الأمور العجيبة المذهلة ما لا يحصى بل أثبته إثباتا صحيحا متيقنا أو ما عدل عن رؤية العجائب التى أمر برؤيتها ومكن منها وما جاوزها (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) أى والله لقد رأى الآيات التى هى كبراها وعظماها حين عرج به إلى السماء فأرى عجائب الملك والملكوت ما لا يحيط به نطاق العبارة ويجوز أن تكون الكبرى صفة للآيات والمفعول محذوف أى شيئا عظيما من آيات ربه وأن تكون من مزيدة (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) (وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) هى أصنام كانت لهم فاللات كانت لثقيف بالطائف وقيل لقريش بنخلة وهى فعلة من لوى لأنهم كانوا يلوون عليها ويطوفون بها وقرىء بتشديد التاء على أنه اسم فاعل اشتهر به رجل كان يلت السمن بالزيت ويطعمه