(خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٦) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٨) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (٢٢)
____________________________________
(خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) تمهيد للتوبيخ على إخلالهم بمواجب شكر النعمة المتعلقة بذاتى كل واحد من الثقلين والصلصال الطين اليابس الذى له صلصال والفخار الخزف وقد خلق الله تعالى آدم عليهالسلام من تراب جعله طينا ثم حمأ مسنونا ثم صلصالا فلا تنافى بين الآية الناطقة بأحدها وبين ما نطق بأحد الآخرين (وَخَلَقَ الْجَانَّ) أى الجن أو أبا الجن (مِنْ مارِجٍ) من لهب صاف (مِنْ نارٍ) بيان لمارج فإنه فى الأصل للمضطرب من مرج إذا اضطرب (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) مما أفاض عليكما فى تضاعيف خلقكما من سوابغ النعم (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) بالرفع على خبرية مبتدأ محذوف أى الذى فعل ما ذكر من الأفاعيل البديعة رب مشرقى الصيف والشتاء ومغربيهما ومن قضيته أن يكون رب ما بينهما من الموجودات قاطبة وقيل على الابتداء والخبر قوله تعالى (مَرَجَ) الخ وقرىء بالجر على أنه بدل من ربكما (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) مما فى ذلك من فوائد لا تحصى من اعتدال الهواء واختلاف الفصول وحدوث ما يناسب كل فصل فى وقته إلى غير ذلك (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) أى أرسلهما من مرجت الدابة إذا أرسلتها والمعنى أرسل البحر الملح والبحر العذب (يَلْتَقِيانِ) أى* يتجاوران ويتماس سطوحهما لا فصل بينهما فى مرأى العين وقيل أرسل بحرى فارس والروم يلتقيان فى المحيط لأنهما خليجان يتشعبان منه (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) أى حاجز من قدرة الله عزوجل أو من الأرض (لا يَبْغِيانِ) أى لا يبغى أحدهما على الآخر بالممازجة وإبطال الخاصية أو لا يتجاوزان حديهما بإغراق* ما بينهما (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وليس منهما شىء يقبل التكذيب (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ)