(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥) وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (٤٦)
____________________________________
الشر المؤدى إليه وأما ما قيل مما أنعم الله على عباده المؤمنين فى هذا اليوم فلا تعلق له بالمقام وقوله تعالى (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) استئناف يجرى مجرى التعليل لعدم السؤال قيل يعرفون بسواد الوجوه وزرقة العيون وقيل بما يعلوهم من الكآبة والحزن (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) الجار والمجرور* هو القائم مقام الفاعل يقال أخذه إذا كان المأخوذ مقصودا بالأخذ ومنه قوله تعالى (خُذُوا حِذْرَكُمْ) ونحوه وأخذ به إذا كان المأخوذ شيئا من ملابسات المقصود بالأخذ ومنه قوله تعالى (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) وقول المستغيث خذ بيدى أخذ الله بيدك أى يجمع بين نواصيهم وأقدامهم فى سلسلة من وراء ظهورهم وقيل تسحبهم الملائكة تارة تأخذ بالنواصى وتارة تأخذ بالأقدام (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وقوله تعالى (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) على إرادة القول أى يقال لهم ذلك بطريق التوبيخ على أن الجملة إما استئناف وقع جوابا عن سؤال ناشىء من حكاية الأخذ بالنواصى والأقدام كأنه قيل فماذا يفعل بهم عند ذلك فقيل يقال الخ أو حال من أصحاب النواصى والأقدام لأن الألف واللام عوض عن المضاف إليه وما بينهما اعتراض (يَطُوفُونَ بَيْنَها) أى بين النار يحرقون بها (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) ماء بالغ من الحرارة أقصاها يصب عليهم أو يسقون منه وقيل إذا استغاثوا من النار أغيثوا بالحميم (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وقد أشير إلى سر كون بيان أمثال هذه الأمور من قبيل الآلاء مرارا (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) شروع فى تعداد الآلاء الفائضة عليهم فى الآخرة بعد تعداد ما وصل إليهم فى الدنيا من الآلاء الدينية والدنيوية واعلم أن ما عدد فيما بين هذه الآية وبين خاتمة السورة الكريمة من فنون الكرامات كما أن أنفسها آلاء جليلة واصلة إليهم فى الآخرة كذلك حكاياتها الواصلة إليهم فى الدنيا آلاء عظيمة لكونها داعية لهم إلى السعى فى تحصيل ما يؤدى إلى نيلها من الإيمان والطاعة وأن ما فصل من فاتحة السورة الكريمة إلى قوله تعالى (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) من النعم الدينية والدنيوية الأنفسية والآفاقية آلاء جليلة واصلة إليهم فى الدنيا وكذلك حكاياتها من حيث إيجابها للشكر والمثابرة على