(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) (١٣)
____________________________________
وذلك الأجر المضموم إليه الأضعاف كريم فى نفسه حقيق بأن يتنافس فيه المتنافسون وإن لم يضاعف فكيف وقد ضوعف أضعافا كثيرة وقرىء بالرفع عطفا على يقرض أو حملا على تقدير مبتدأ أى فهو يضاعفه وقرىء يضعفه بالرفع والنصب (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ظرف لقوله تعالى (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) أو لقوله تعالى (فَيُضاعِفَهُ) أو منصوب باضمار اذكر تفخيما لذلك اليوم وقوله تعالى (يَسْعى نُورُهُمْ) * حال من مفعول ترى قيل نورهم الضياء الذى يرى (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) وقيل هو هداهم وبأيمانهم* كتبهم أى يسعى إيمانهم وعملهم الصالح بين أيديهم وفى أيمانهم كتب أعمالهم وقيل هو القرآن وعن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه يؤتون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة ومنهم من يؤتى كالرجل القائم وأدناهم نورا من نوره على إبهام رجله ينطفىء تارة ويلمع أخرى قال الحسن يستضيئون به على الصراط وقال مقاتل يكون لهم دليلا إلى الجنة (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ) مقدر بقول هو حال* أو استئناف أى يقال لهم بشراكم أى ما تبشرون به جنات أو بشراكم دخول الجنة (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ) أى ما ذكر من النور والبشرى بالجنات المخلدة (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الذى لا غاية* وراءه وقرىء ذلك الفوز العظيم (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ) بدل من يوم ترى (لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا) أى انتظرونا يقولون ذلك لما أن المؤمنين يسرع بهم إلى الجنة كالبرق الخاطف على ركاب تزف بهم وهؤلاء مشاة أو انظروا إلينا فإنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم فيستضيئون بالنور الذى بين أيديهم وقرىء أنظرونا من النظرة وهى الإمهال جعل اتئادهم فى المضى إلى أن يلحقوا بهم إنظارا لهم (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) أى نستضىء منه وأصله اتخاذ القبس (قِيلَ) طردا لهم وتهكما بهم من* جهة المؤمنين أو من جهة الملائكة (ارْجِعُوا وَراءَكُمْ) أى إلى الموقف (فَالْتَمِسُوا نُوراً) فإنه من ثم* يقتبس أو إلى الدنيا فالتمسوا النور بتحصيل مباديه من الإيمان والأعمال الصالحة أو ارجعوا خائبين خاسئين فالتمسوا نورا آخر وقد علموا أن لا نور وراءهم وإنما قالوه تخييبا لهم أو أرادوا بالنور ما وراءهم من الظلمة الكشيفة تهكما بهم (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ) بين الفريقين (بِسُورٍ) أى حائط والباء زائدة (لَهُ بابٌ باطِنُهُ) أى باطن السور أو الباب وهو الجانب الذى يلى الجنة (فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ) وهو الطرف الذى* يلى النار (مِنْ قِبَلِهِ) من جهته (الْعَذابُ) وقرىء فضرب على البناء للفاعل.*