(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (١٩)
____________________________________
سبيل الله تعالى وقرىء نزل من التنزيل مبنيا للمفعول ومبنيا للفاعل وأنزل (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ) عطف على تخشع وقرىء بالتاء على الالتفات للاعتناء بالتحذير وقيل هو نهى عن مماثلة أهل الكتاب فى قسوة القلوب بعد أن وبخوا وذلك أن بنى إسرائيل كان الحق يحول بينهم وبين شهواتهم وإذا سمعوا التوراة والإنجيل خشعوا لله ورقت قلوبهم (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) أى الأجل* وقرىء الأمد بتشديد الدال أى الوقت الأطول وغلبهم الجفاء وزالت عنهم الروعة التى كانت تأتيهم من الكتابين (فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) فهى كالحجارة أو أشد قسوة (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) أى خارجون عن* حدود دينهم رافضون لما فى كتابهم بالكلية (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) تمثيل لإحياء القلوب القاسية بالذكر والتلاوة بإحياء الأرض الميتة بالغيث للترغيب فى الخشوع والتحذير عن القساوة (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) التى من جملتها هذه الآيات (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) كى تعقلوا ما فيها وتعملوا بموجبها* فتفوزوا بسعادة الدارين (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) أى المتصدقين والمتصدقات وقد قرىء كذلك وقرىء بتخفيف الصاد من التصديق أى الذين صدقوا الله ورسوله (وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) قيل* هو عطف على ما فى المصدقين من معنى الفعل فإنه فى حكم الذين اصدقوا أو صدقوا على القراءتين وعقب بأن فيه فصلا بين أجزاء الصلة بأجنبى وهو المصدقات وأجيب بأن المعنى أن الناس الذين تصدقوا وتصدقن وأقرضوا فهو عطف على الصلة من حيث المعنى من غير فصل وقيل إن المصدقات ليس بعطف على المصدقين بل هو منصوب على الاختصاص كأنه قيل إن المصدقين على العموم تغليبا وأخص المصدقات من بينهم كما تقول إن الذين آمنوا ولا سيما العلماء منهم وعملوا الصالحات لهم كذا لكن لا على أن مدار التخصيص مزيد استحقاقهن لمضاعفة الأجر كما فى المثال المذكور بل زيادة احتياجهن إلى التصدق الداعية إلى الاعتناء بحثهن على التصدق لما روى أنه عليه الصلاة والسلام قال يا معشر النساء تصدقن فإنى أريتكن أكثر أهل النار وقيل هو صلة لموصول محذوف معطوف على المصدقين كأنه قيل والذين أقرضوا والقرض الحسن عبارة عن التصدق من الطيب عن طيبة النفس وخلوص النية على المستحق للصدقة (يُضاعَفُ لَهُمْ) على البناء للمفعول مسندا إلى ما بعده من الجار والمجرور وقيل إلى مصدر ما فى* حيز الصلة على حذف مضاف أى ثواب التصدق وقرىء على البناء للفاعل أى يضاعف الله تعالى وقرىء يضعف بتشديد العين وفتحها (وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) مر ما فيه من الكلام (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ)