(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) (١٣)
____________________________________
وتخصيص الأمور المعدودة بالذكر فى حقهن لكثرة وقوعها فيما بينهن مع اختصاص بعضها بهن (فَبايِعْهُنَّ) * أى على ما ذكر وما لم يذكر لوضوح أمره وظهور أصالته فى المبايعة من الصلاة والزكاة وسائر أركان الدين وشعائر الإسلام وتقييد مبايعتهن بما ذكر من مجيئهن لحثهن على المسارعة إليها مع كمال الرغبة فيها من غير دعوة لهن إليها (وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ) زيادة على ما فى ضمن المبايعة فإنها عبارة عن ضمان الثواب* من قبله عليه الصلاة والسلام بمقابلة الوفاء بالأمور المذكورة من قبلهن (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أى مبالغ* فى المغفرة والرحمة فيغفر لهن ويرحمهن إذا وفين بما بايعن عليه واختلف فى كيفية مبايعته عليه الصلاة والسلام لهن يومئذ فروى أنه عليه الصلاة والسلام لما فرغ من بيعة الرجال جلس على الصفا ومعه عمر رضى الله عنه أسفل منه فجعل عليه الصلاة والسلام يشترط عليهن البيعة وعمر يصافحهن وروى أنه كلف امرأة وقفت على الصفا فبايعتهن وقيل دعا بقدح من ماء فغمس فيه يده ثم غمسن أيديهن وروى أنه عليه الصلاة والسلام بايعهن وبين يديه وأيديهن ثوب قطرى والأظهر الأشهر ما قالت عائشة رضى الله عنها والله ما أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على النساء قط إلا بما أمر الله تعالى وما مست كف رسول الله صلىاللهعليهوسلم كف امرأة قط وكان يقول إذا أخذ عليهن قد بايعتكن كلاما وكان المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمتحنهن بقول الله عزوجل يأيها النبى إذا جاءك المؤمنات إلى آخر الآية فإذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن انطلقن فقد بايعتكن (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) هم عامة الكفرة وقيل اليهود لما روى أنها نزلت فى بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ) لكفرهم بها أو لعلمهم* بأنه لا خلاق لهم فيها لعنادهم الرسول المنعوت فى التوراة المجيد بالآيات (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) أى كما يئس منها الذين ماتوا منهم لأنهم وقفوا على حقيقة الحال وشاهدوا حرمانهم من نعيمها المقيم وابتلاءهم بعذابها الأليم والمراد وصفهم بكمال اليأس منها وقيل المعنى كما يئسوا من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا إلى الدنيا أحياء والإظهار فى موقع الإضمار للإشعار بعلة بأسهم. عن النبى صلىاللهعليهوسلم من قرأ سورة الممتحنة كان له المؤمنون والمؤمنات شفعاء يوم القيامة.