(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٥)
____________________________________
الناعى عليهم أنهم أسوأ الناس أعمالا أو إلى ما وصف من حالهم فى النفاق والكذب والاستتار بالإيمان الصورى وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه لما مر مرارا من الإشعار ببعد منزلته فى* الشر (بِأَنَّهُمْ) أى بسبب أنهم (آمَنُوا) أى نطقوا بكلمة الشهادة كسائر من يدخل فى الإسلام (ثُمَّ كَفَرُوا) أى ظهر كفرهم بما شوهد منهم من شواهد الكفر ودلائله أو نطقوا بالإيمان عند المؤمنين* ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم (فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) حتى تمرنوا على الكفر واطمأنوا به وقرىء على البناء للفاعل وقرىء فطبع الله (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) حقيقة الإيمان ولا يعرفون حقيته أصلا (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) لضخامتها ويروقك منظرهم لصباحة وجوههم (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم وحلاوة كلامهم وكان ابن أبى جسيما فصيحا يحضر مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى نفر من أمثاله وهم رؤساء المدينة وكان عليه الصلاة والسلام ومن معه يعجبون بهبا كلهم ويسمعون إلى كلامهم وقيل الخطاب لكل أحد ممن يصلح للخطاب ويؤيده قراءة يسمع على البناء* للمفعول وقوله تعالى (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) فى حيز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو كلام مستأنف لا محل له شبهوا فى جلوسهم فى مجالس رسول الله صلىاللهعليهوسلم مستندين فيها بخشب منصوبة مسندة إلى الحائط فى كونهم أشباحا خالية عن العلم والخير وقرىء خشب على أنه جمع خشبة كبدن جمع بدنة وقيل هو جمع خشباء وهى الخشبة التى دعر جوفها أى فسد شبهوا بها فى نفاقهم وفساد بواطنهم وقرىء* خشب كمدرة ومدر (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) أى واقعة عليهم ضارة لهم لجبنهم واستقرار الرعب* فى قلوبهم وقيل كانوا على وجل من أن ينزل الله فيهم ما يهتك أستارهم ويبيح دماءهم وأموالهم (هُمُ الْعَدُوُّ) أى هم الكاملون فى العداوة والراسخون فيها فإن أعدى الأعادى العدو المكاشر الذى يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوى والجملة مستأنفة وجعلها مفعولا ثانيا للحسبان مما لا يساعده النظم الكريم أصلا* فإن الفاء فى قوله تعالى (فَاحْذَرْهُمْ) لترتيب الأمر بالحذر على كونهم أعدى الأعداء (قاتَلَهُمُ اللهُ) دعاء عليهم وطلب من ذاته تعالى أن يلعنهم ويخزيهم أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك وقوله تعالى* (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) تعجيب من حالهم أى كيف يصرفون عن الحق إلى ما هم عليه من الكفر والضلال (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) عند ظهور جنايتهم بطريق النصيحة (تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) * أى عطفوها استكبارا (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) يعرضون عن القائل أو عن الاستغفار (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ)