(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٨)
____________________________________
أى لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عند دعوته إياهم إلى الإيمان والعمل بما فى القرآن (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) أى أغطية متكاثفة (مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) أى صمم وأصله الثقل وقرئ بالكسر وقرئ بفتح القاف (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) غليظ بمنعنا عن التواصل ومن للدلالة على أن* الحجاب مبتدأ من الجانبين بحيث استوعب ما بينهما من المسافة المتوسطة ولم يبق ثمة فراغ أصلا وهذه تمثيلات لنبو قلوبهم عن إدراك الحق وقبوله ومج أسماعهم له كأن بها صمما وامتناع مواصلتهم وموافقتهم للرسول صلىاللهعليهوسلم (فَاعْمَلْ) أى على دينك وقيل فى إبطال أمرنا (إِنَّنا عامِلُونَ) أى على ديننا وقيل فى إبطال أمرك والأول هو الأظهر فإن قوله تعالى (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) تلقين للجواب عنه أى لست من جنس مغاير لكم حتى يكون بينى وبينكم حجاب وتباين مصحح لتباين الأعمال والأديان كما ينبئ عنه قولكم فاعمل إننا عاملون بل إنما أنا بشر مثلكم مأمور بما أمرتم به حيث أخبرنا جميعا بالتوحيد بخظاب جامع بينى وبينكم فإن الخطاب فى إلهكم محكى منتظم للكل لا أنه خطاب منه عليه الصلاة والسلام للكفرة كما فى مثلكم وقيل المعنى لست ملكا ولا جنيا لا يمكنكم التلقى منه ولا أدعوكم إلى ما تنبو عنه العقول والأسماع وإنما أدعوكم إلى التوحيد والاستقامة فى العمل وقد تدل عليهما دلائل العقل وشواهد النقل وقيل المعنى إنى لست بملك وإنما أنا بشر مثلكم وقد أوحى إلى دونكم فصحت بالوحى إلى وأنا بشر نبوتى وإذا صحت نبوتى وجب عليكم اتباعى فتأمل والفاء فى قوله تعالى (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها من إيحاء* الوحدانية فإن ذلك موجب لاستقامتهم إليه تعالى بالتوحيد والإخلاص فى الأعمال (وَاسْتَغْفِرُوهُ) مما كنتم عليه من سوء العقيدة والعمل وقوله تعالى (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) ترهيب وتنفير لهم عن الشرك إثر ترغيبهم فى التوحيد ووصفهم بقوله تعالى (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) لزيادة التحذير والتخويف عن منع الزكاة حيث جعل من أوصاف المشركين وقرن بالكفر بالآخرة حيث قيل (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) وهو عطف على لا يؤتون داخل فى حيز الصلة واختلافهما بالفعلية والاسمية لما أن عدم إيتائها متجدد والكفر أمر مستمر ونقل عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه فسر لا يؤتون الزكاة بقوله لا يقولون لا إله إلا الله فإنها زكاة الأنفس والمعنى لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد وهو مأخوذ من قوله تعالى (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) وقال لضحاك ومقاتل لا ينفقون فى الطاعات ولا يتصدقون وقال مجاهد لا يزكون أعمالهم (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) أى