(وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١) فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ (٢٧) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ) (٢٨)
____________________________________
* (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) تعليل للنهى أى آتيكم بحجة واضحة لا سبيل إلى إنكارها وآتيكم على صيغة الفاعل أو المضارع وفى إيراد الأداء مع الأمين والسلطان مع العلا من الجزالة ما لا يخفى (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ) أى التجأت إليه وتوكلت عليه (أَنْ تَرْجُمُونِ) من أن ترجمونى أى تؤذونى ضربا أو شتما أو أن تقتلونى قيل لما قال وأن لا تعلوا على الله توعدوه بالقتل وقرىء بإدغام الذال فى التاء (وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ) أى وإن كابرتم مقتضى العقل ولم تؤمنوا لى فخلونى كفافا لا على ولا لى ولا تتعرضوا بشر ولا أذى فليس ذلك جزاء من يدعوكم إلى ما فيه فلا حكم وحمله على معنى فاقطعوا أسباب الوصلة عنى فلا موالاة بينى وبين من لا يؤمن يأباه المقام (فَدَعا رَبَّهُ) بعد ما تموا على تكذيبه عليهالسلام* (أَنَّ هؤُلاءِ) أى بأن هؤلاء (قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) وهو تعريض بالدعاء عليهم بذكر ما استوجبوه ولذلك سمى دعاء وقرىء بالكسر على إضمار القول قيل كان دعاؤه اللهم عجل لهم ما يستحقونه بإجرامهم وقيل هو قوله (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً) بإضمار القول إما بعد الفاء أى فقال ربه أسر بعبادى وإما قبلها كأنه قيل إن كان الأمر كما تقول فأسر بعبادى أى ببنى إسرائيل فقد دبر* الله تعالى أن تتقدموا وقرىء بوصل الهمزة من سرى (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) أى يتبعكم فرعون وجنوده بعد ما علموا بخروجكم (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) مفتوحا ذا فجوة واسعة أو ساكنا على هيئته بعد ما جاوزته* ولا تضربه بعصاك لينطبق ولا تغيره عن حاله ليدخله القبط (إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) وقرىء أنهم بالفتح أى لأنهم (كَمْ تَرَكُوا) أى كثيرا تركوا بمصر (مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ) محافل مزينة ومنازل محسنة (وَنَعْمَةٍ) أى تنعم (كانُوا فِيها فاكِهِينَ) متنعمين وقرىء فكهين (كَذلِكَ) الكاف فى حيز النصب وذلك إشارة إلى مصدر يدل عليه تركوا أى مثل ذلك السلب سلناهم