(إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦) وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (١٩)
____________________________________
(وَقالُوا) فى حقه (مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) أى قالوا تارة يعلمه غلام أعجمى لبعض ثقيف وأخرى مجنون أو* يقول بعضهم كذا وآخرون كذا فهل يتوقع من قوم هذه صفاتهم أن يتأثروا بالعظة والتذكير وما مثلهم إلا كمثل الكلب إذا جاع ضغا وإذا شبع طغى وقوله تعالى (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ) جواب من جهته تعالى عن قولهم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون بطريق الالتفات لمزيد التوبيخ والتهديد وما بينهما اعتراض أى إنا نكشف العذاب المعهود عنكم كشفا قليلا أو زمانا قليلا إنكم تعودون إثر ذلك إلى ما كنتم عليه من العتو والإصرار على الكفر وتنسون هذه الحالة وصيغة الفاعل فى الفعلين للدلالة على تحققهما لا محالة ولقد وقع كلاهما حيث كشفه الله تعالى بدعاء النبى صلىاللهعليهوسلم فما لثوا أن عادوا إلى ما كانوا عليه من العتو والعناد ومن فسر الدخان بما هو من الأشراط قال إذا جاء الدخان تضور المعذبون به من الكفار والمنافقين وغوثوا وقالوا ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون فيكشفه الله تعالى عنهم بعد أربعين يوما وريثما يكشفه عنهم يرتدون ولا يتمهلون (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) يوم القيامة وقيل يوم بدر وهو ظرف لما دل عليه قوله تعالى (إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) لا لمنتقمون لأن إن مانعة من ذلك أى يومئذ ننتقم إنا منتقمون وقيل* هو بدل من يوم تأتى الخ وقرىء نبطش أى نحمل الملائكة على أن يبطشوا بهم البطشة الكبرى وهو التناول بعنف وصولة أو نجعل البطشة الكبرى باطشة بهم وقرىء نبطش بضم الطاء وهى لغة (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ) أى امتحناهم بإرسال موسى عليهالسلام أو أوقعناهم فى الفتنة بالإمهال وتوسيع الرزق عليهم وقرىء بالتشديد للمبالغة أو لكثرة القوم (وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ) على الله تعالى أو على* المؤمنين أو فى نفسه لأن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا من سراة قومه وكرامهم (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) أى بأن أدوا إلى بنى اسرائيل وأرسلوهم معى أو بأن أدوا إلى يا عباد الله حقه من الإيمان وقبول الدعوة وقيل أن مفسرة لأن مجىء الرسول لا يكون إلا برسالة ودعوة وقيل مخففة من الثقيلة أى جاءهم بأن الشأن أدوا إلى الخ وقوله تعالى (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) تعليل للأمر أو لوجوب المأمور به أى رسول* غير ظنين قد ائتمننى الله تعالى على وحيه وصدقنى بالمعجزات القاهرة (وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ) أى لا تتكبروا عليه تعالى بالاستهانة بوحيه وبرسوله وأن كالتى سلفت وقوله تعالى (إِنِّي آتِيكُمْ) أى من جهته تعالى*