(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (٥٣) كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) (٥٩)
____________________________________
المراد جنس الأثيم (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) أى عن الكفر والمعاصى (فِي مَقامٍ) فى موضع قيام والمراد المكان على الإطلاق فإنه من الخاص الذى شاع استعماله فى معنى العموم وقرىء بضم الميم وهو موضع إقامة* (أَمِينٍ) يأمن صاحبه الآفات والانتقال عنه وهو من الأمن الذى هو ضد الخيانة وصف به المكان بطريق الاستعارة كان المكان المخيف يخون صاحبه لما يلقى فيه من المكاره (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) بدل من مقام جىء به دلالة على نزاهته واشتماله على طيبات المآكل والمشارب (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) إما خبر ثان أو حال من الضمير فى الجار أو استئناف والسندس مارق من الحرير والاستبرق ما غلظ منه معرب (مُتَقابِلِينَ) فى المجالس ليستأنس بعضهم ببعض (كَذلِكَ) أى الأمر كذلك أو* كذلك أثبناهم (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) على الوصف وقرىء بالإضافة أى قرناهم بهن والحور جمع الحوراء وهى البيضاء والعين جمع العيناء وهى العظيمة العينين واختلف فى أنهن نساء الدنيا أو غيرها (يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ) أى يطلبون ويأمرون بإحضار ما يشتهونه من الفواكه لا يتخصص شىء منها بمكان ولا زمان (آمِنِينَ) من كل ما يسوؤهم (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) بل يستمرون على الحياة أبدا والاستثناء منقطع أو متصل على أن المراد بيان استحالة ذوق الموت فيها على الإطلاق* كأنه قيل لا يذوقون فيها الموت إلا إذا أمكن ذوق الموتة الأولى حينئذ (وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) وقرىء مشددا للمبالغة فى الوقاية (فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ) أى أعطوا ذلك كله عطاء وتفضلا منه تعالى وقرىء بالرفع* أى ذلك فضل (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الذى لا فوز وراءه إذ هو خلاص عن جميع المكاره ونيل لكل المطالب وقوله تعالى (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) فذلكة للسورة الكريمة أى إنما أنزلنا الكتاب المبين بلغتك كى يفهمه قومك ويتذكروا ويعملوا بموجبه وإذا لم يفعلوا ذلك (فَارْتَقِبْ)