(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ) (١٣)
____________________________________
* لما فيه من التوحيد وسائر الأحكام المخالفة لما ألفوه واشتهته أنفسهم الأمارة بالسوء (فَأَحْبَطَ) لأجل ذلك (أَعْمالَهُمْ) التى لو كانوا عملوها مع الإيمان لأثيبوا عليها (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) أى أقعدوا* فى أماكنهم فلم يسيروا فيها (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم المكذبة فإن آثار ديارهم* تنبىء عن أخبارهم وقوله تعالى (دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ) استئناف مبنى على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل كيف كان عاقبتهم فقيل استأصل الله تعالى عليهم ما اختص بهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم يقال* دمره أهلكه ودمر عليه أهلك عليه ما يختص به (وَلِلْكافِرِينَ) أى ولهؤلاء الكافرين السائرين بسيرتهم* (أَمْثالُها) أمثال عواقبهم أو عقوباتهم لكن لا على أن لهؤلاء أمثال ما لأولئك وأضعافه بل مثله وإنما جمع باعتبار مماثلته لعواقب متعددة حسب تعدد الأمم المعذبة وقيل يجوز أن يكون عذابهم أشد من عذاب الأولين وقد قتلوا وأسروا بأيدى من كانوا يستخفونهم ويستضعفونهم والقتل بيد المثل أشد ألما من الهلاك بسبب عام وقيل المراد بالكافرين المتقدمون بطريق وضع الظاهر موضع الضمير كأنه قيل دمر الله عليهم فى الدنيا ولهم فى الآخرة أمثالها (ذلِكَ) إشارة إلى ثبوت أمثال عقوبة الأمم* السالفة لهؤلاء (بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) أى ناصرهم على أعدائهم وقرىء ولى الذين (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) فيدفع عنهم ما حل بهم من العقوبة والعذاب ولا يخالف هذا قوله تعالى (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) فإن المولى هناك بمعنى المالك (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) بيان لحكم ولايته تعالى لهم وثمرتها الأخروية (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ) أى ينتفعون* فى الدنيا بمتاعها (وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ) غافلين عن عواقبهم (وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) أى منزل ثواء وإقامة والجملة إما حال مقدرة من واو يأكلون أو استئناف (وَكَأَيِّنْ) كلمة مركبة من الكاف وأى* بمعنى كم الخبرية ومحلها الرفع بالابتداء وقوله تعالى (مِنْ قَرْيَةٍ) تمييز لها وقوله تعالى (هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ) صفة لقرية كما أن قوله تعالى (الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) صفة لقريتك وقد حذف عنهما المضاف وأجرى* أحكامه عليهما كما يفصح عنه الخبر الذى هو قوله تعالى (أَهْلَكْناهُمْ) أى وكم من أهل قرية هم أشد