والبليغ ، ولذلك كانوا يسمون الكلمة يتيمة ، ويسمون البيت الواحد يتيما.
سمعت إسماعيل بن عباد يقول : سمعت أبا بكر بن مقسم يقول : سمعت ثعلبا (١) يقول : سمعت الفراء (٢) يقول : العرب تسمي البيت الواحد يتيما ، وكذلك يقال : الدرة اليتيمة لانفرادها. فإذا بلغ البيتين والثلاثة فهي نتفة ، وإلى العشرة تسمى قطعة ، وإذا بلغ العشرين استحق أن يسمى قصيدا. وذلك مأخوذ من المخ القصيد ، وهو المتراكم بعضه على بعض. وهو ضد الرار ومثله الرثيد. انتهت الحكاية. ثم استشهد بقول لبيد :
فتذكرا ثقلا رثيدا بعد ما |
|
ألقت ذكاء يمينها في كافر |
يريد بيض النعام لأنه ينضد بعضه على بعض ، وكذلك يقع في الكلام البيت الوحشي والنادر ، والمثل السائر ، والمعنى الغريب ، والشيء الذي لو اجتهد له لم يقع عليه فيتفق له ويصادفه. قال لي بعض علماء هذه الصنعة وجاريته في ذلك : إن هذا مما لا سبب له يخصه ، وإنما سببه القرارة في أصل الصنعة ، والتقدم في عيون المعرفة. فإذا وجد ذلك وقع له من الباب ما يطرد عن حساب وما يشذ عن تفصيل الحساب ، فأما ما قلنا من أن ما بلغ قدر السورة معجز فإن ذلك صحيح.
__________________
(١) سبقت ترجمته.
(٢) الفراء هو : أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء الديلمي ، كان إماما ثقة له شأن عظيم في اللغة. قال ثعلب : لو لا الفراء لما كانت لغة ، ولو لا الفراء لسقطت العربية ، مات سنة (٢٠٧ ه). له ترجمة في : وفيات الأعيان ٢ / ٢٢٨ ، وطبقات الأدباء (١٢٦) ، ومعجم الأدباء ٢٠ / ٩.