تارة إلى غيره ثم رجع إليه ؛ لأن ما تخلل بين الأمرين يؤذن بأن وضع الكلام غير ما قدروه من التسجيع لأنه لو كان من باب السجع ، لكان أرفع نهاياته وأبعد غاياته ، ولا بد لمن جوز السجع فيه وسلك ما سلكوه من أن يسلم ما ذهب إليه النظام ، وعباد بن سلمان ، وهشام القرظي ، ويذهب مذهبهم في أنه ليس في نظم القرآن وتأليفه إعجاز ، وأنه يمكن معارضته ، وإنما صرفوا عنه ضربا من الصرف ، ويتضمن كلامه تسليم الخبط في طريقة النظم ، وأنه منتظم من فرق شتى ، ومن أنواع مختلفة ينقسم إليها خطابهم ولا يخرج عنها ، ويستهين ببديع نظمه وعجيب تأليفه الذي وقع التحدي إليه ، وكيف يعجزهم الخروج عن السجع والرجوع إليه. وقد علمنا عادتهم في خطبهم وكلامهم ، أنهم كانوا لا يلزمون أبدا طريقة السجع والوزن ، بل كانوا يتصرفون في أنواع مختلفة ، فإذا ادّعوا على القرآن مثل ذلك ، لم يجدوا فاصلة بين نظمي الكلامين.