تطل طلول الدمع في كلّ موقف |
|
وتمثل بالصبر الديار المواثل |
دوارس لم يحف الربيع ربوعها |
|
ولا مرّ في أغفالها وهو غافل |
فقد سحبت فيها السحاب ذيولها |
|
وقد اخملت بالنور تلك الخمائل |
تعفين من زاد العفاة إذا انتحى |
|
على الحيّ صرف الأزمة المتماحل |
لهم سلف سمر العوالي وسامر |
|
وفهم جمال لا يعيض وجامل |
ليالي أضللت العزاء وخزّلت |
|
بعقلك آرام الخدور العقائل |
من الهيف لو أن الخلاخيل صيّرت |
|
لها وشحا جالت عليه الخلاخل |
مها الوحش إلا أن هاتا أو أنس |
|
قنا الخطّ إلا أن تلك ذوابل |
هوى كان خلسا إن من أطيب الهوى |
|
هوى جلت في أفيائه وهو خامل |
ومن الأدباء من عاب عليه هذه الأبيات ونحوها على ما قد تكلف فيها البديع وتعمل من الصنعة ، فقال : قد أذهب ماء هذا الشعر ورونقه وفائدته اشتغالا بطلب التطبيق وسائر ما جمع فيه.
وقد تعصب عليه أحمد بن عبد الله بن عمار ، وأسرف حتى تجاوز إلى الغض من محاسنه ، ولما قد أولع به من الصنعة ربما غطى على بصره حتى يبدع في الحسن كقوله في قصيدة له أولها :
سرت تستجير الدمع خوف نوى غد |
|
وعاد قتادا عندها كلّ مرقد |
فقال لها :
لعمري لقد حرّرت يوم لقيته |
|
لو أن القضاء وحده لم يبرّد |
وكقوله :
لو لم تدارك من المجد مذ زمن |
|
بالجود والبأس كان المجد قد خرفا |
فهذا من الاستعارات القبيحة ، والبديع المقيت كقوله :
تسعون ألفا كآساد الشّرى نضجت |
|
أعمارهم قبل نضج التين والعنب |
وكقوله :
لو لم يمت بين أطراف الرماح إذا |
|
لمات إذ لم يمت من شدة الحزن |
وكقوله : «خشنت عليه أخت بني خشين». وكقوله :
ألا لا يمد الدهر كفا بسيّئ |
|
إلى مجتدى نصر فتقطع من الزند |
وقال في وصف المطايا :
لو كان كلّفها عبيد حاجة |
|
يوما لزنّى شدقما وجديلا |
وكقوله :
فضربت الشتاء في أخدعيه |
|
ضربة غادرته عودا ركوبا |