ولله ملك السماوات والأرض
قل يا محمّد ، (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) ويمنعه في إرادته الّتي لا تنفك عن حصول المراد (إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ) فهل يملك هذا الإنسان الموصوف بالألوهيّة في اتحاد الله به وتجسده في ذاته أن يدفع الهلاك عن نفسه وعن أمّه ، فيموت ـ هو وأمّه ـ كما يموت النّاس؟! (وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) فهل يستطيعون منع الله من إهلاكهم ، فكيف يمكن ادعاء الألوهيّة لبشر لا يقدر على الدفاع عن نفسه وعن أقرب النّاس إليه ، في الوقت الّذي لا يختلف فيه عن أيّ بشر في أنّه مسخّر مغلوب على أمره لا يملك من أمره شيئا ، إلّا ما ملّكه الله خالقه ، (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) فهو ـ وحده ـ الّذي له السلطة المطلقة على الكون كلّه من موقع أنّه المالك له بجميع موجوداته النامية والحيّة والجامدة ، والمدبر لها والمحيط بجميع شؤونها ، والمهيمن على الأمر كلّه ، (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) بإرادته الّتي لا يعجزها شيء ، فقد خلق آدم من طين من دون أب وأمّ ، وهو لا يمثل النوع الإنساني كله ، وبقدرته خلق عيسى من أمّ دون أب ، مما يدل على شموليّة قدرته وتنوع إرادته ، (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو القادر على الخلق لمن أراد كيف أراد ، وهو القادر على الإهلاك في أيّة حالة ولأيّ مخلوق لأنّ قدرته لا حدّ لها ، فهي القدرة المطلقة على كل شيء ، وهو الله وحده لا شريك له في أمره وفي قدرته.
* * *