تعالى ، وأن يعطيه إطاعة عمياء في كل أوامره ونواهيه ، سواء عرف سر التشريع في موارد الطاعة والمعصية أو لم يعرفها ، فإنَّ ذلك لا دخل له بالموضوع ، وبالتالي يجب أن يكون شعار المؤمن دائما : عليّ إطاعة الله من منطلقات الله لا سيما في ما لم أحط به علما من مصالح وأسرار.
وأحلّ الله للإنسان ، في ما أحلّه من حيوانات ، الحيوان الَّذي يذكيه الإنسان ، وذلك وفق شروط فقهية تحدد كيفية التذكية ، وهذا ما أشار إليه في قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) أي إلَّا ما أدركتم ذكاته فذكيتموه من هذه الأشياء ، وقد جاء عن الإمامين الباقر والصادق عليهالسلام : «إن أدنى ما يدرك به الذكاة أن تدركه يتحرك أذنه أو ذنبه أو تطرف عينه» (١) ، وخلاصته أن تكون به حياة بحسب العلامات الدالة عليه.
واختلف المفسرون في الاستثناء ، هل يرجع إلى ما تقدم ذكره من المحرمات غير ما لا يقبل الذكاة كالميتة والدم ولحم الخنزير ، أو يرجع إلى فقرة (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) والظاهر رجوعه إلى الجميع ، وقد روي ذلك عن علي عليهالسلام وابن عباس وقيل ـ كما في مجمع البيان ـ «هو استثناء من التحريم لا من المحرمات ، لأنَّ الميتة لا ذكاة لها ولا الخنزير ، فمعناه : حرمت عليكم سائر ما ذكر إلا ما ذكيتم مما أحلّه الله لكم بالتذكية فإنَّه حلال لكم ، عن مالك وجماعة من أهل المدينة واختاره الجبائي» (٢). إلَّا أنَّ هذا القول يناقش ، حيث يثأر سؤال هنا حول السر في تعداد الأنواع التالية في قوله تعالى : (وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ) مع دخولها في الميتة الّتي حرّمت في صدر الآية وإن اختلفت أسباب الموت من خنق ، أو تردّ أو نطح ، أو إهلال لغير الله به ، أو ما أكل السبع.
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٣ ، ص : ١٩٨.
(٢) م. ن. ، ج : ٣ ، ص : ١٩٨.