طاعة الله يجب أن تكون عمياء
وعلى ضوء هذا ، نلتقي بهاتين الآيتين في نطاق التحليل والتحريم ، فقد حرّم الله على النّاس الميتة ، وهي ما مات حتف أنفه ، والمخنوقة ، والمتردية ، وبقايا الفريسة ، وما مات بسبب الانتطاح من حيوان آخر ، وحرّم إلى جانب ذلك ما ذبح على الأصنام تقرّبا لها ، وما ذكر عليه اسم غير الله ، والدم ولحم الخنزير. نحن لا نريد تبيان فلسفة هذا التشريع تفصيليّا ، إنَّما نكتفي بالإشارة إلى أنَّ هناك أبحاثا تتحدث عن الأضرار الّتي قد تصيب الإنسان في جسده من خلال أكل الميتة بجميع أنواعها ، كما أنَّ هناك أفكارا تتحدث عن الأثر الروحي المترتب على أكل اللحوم ، مما يجعل للذبح معنى روحيا عباديا ، لأنَّ الحيوان خلقه الله ، فليس لك أن تذبحه أو تأكله إلَّا على أساس اسم الله ، الأمر الَّذي قد يعطي إحساسك نبضا روحيا يوحي إليك بالطمأنينة والانفتاح على معنى العبودية لله في طعامك وشرابك ، فإذا ذبحته للأصنام أو ذكرت عليه اسم غير الله ، كنت بعيدا عن ذلك الجو كله ، وتحولت حياتك إلى حياة تعيش ماديّتها بعيدا عن الروح ، وهذا ما لا يريده الله لعباده ، لأنَّه يبتعد بهم عن الآفاق الروحيّة الّتي تشدهم إليه في ممارستهم لحياتهم العادية ، حيث يتحول الجانب الروحي لديهم إلى زاوية ضيّقة محدودة من زوايا حياتهم ، لتبقى الساحات الأخرى مسرحا للشيطان.
وهذا النوع من التفسيرات لا بأس به ، لأنَّ الله تعالى لم يمنعنا من محاولة فهم أسرار شريعته ، لكن شريطة أن يظل ذلك في نطاق التأمل الذاتي الّذي يحتفظ به الإنسان لنفسه ، كما يحتفظ بالكثير من الانطباعات والتأملات الشخصيّة من دون أن تترك تأثيرا على المسار العملي في ما يفعله أو يتركه. فإنَّ الإيمان يفرض على المؤمن من موقع إحساسه بالعبوديّة ، أن يسلم أمره لله