للكيان المتكامل الَّذي لا تجد فيه أيّة ثغرة في فكر أو شريعة ، ويحدّد لهم الفواصل الّتي تفصلهم عن الكافرين في فكرهم وعاداتهم وتقاليدهم حتّى في ما يتعلّق بأكلهم وشربهم ولبسهم ، وممارستهم لأساليب الحياة ...
وبدأ الكفَّار يشعرون باليأس ، فمحاولاتهم المتكررة وقد تحطمت على صخرة الواقع الإسلامي الجديد الَّذي يلتقي بالصمود والثبات ، وجاء القرآن ليبشر المؤمنين بتراجع الكافرين عن خططهم تحت ووطأة الشعور باليأس ، وليدعوهم إلى عدم الخوف منهم في المستقبل ، وليعلموا على تعميق خوف الله في نفوسهم ، لأنّ الخوف من الله هو الَّذي ركّز أقدامهم على الطريق وقادهم إلى الفتح والنصر ، وهو الَّذي يدفعهم من جديد إلى انتصارات جديدة ، وفتوحات جديدة.
* * *
إكمال الدين .. بولاية عليّ (عليه السلام)
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) ، هذا الدين الَّذي تكامل من خلال نزوله منجّما على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حاملا مع كل آية من آياته المفاهيم العامة للكون والإنسان والحياة. وكان التشريع يخطو خطواته الثابتة راصدا الواقع ومراقبا حاجاته ليأتي في حجم المشكلة ، وكان الله رفيقا بعباده ، فلم ينزل عليهم القرآن جملة واحدة ، ولم يبعث الأحكام لهم دفعة واحدة ، بل كان التدرج هو الخط الَّذي خطّه الإسلام للإنسان ليصل به إلى التكامل ، حتّى كانت نهاية المطاف وأكمل الله للمسلمين دينهم ، وأتمّ عليهم نعمته به ، فهو النعمة الّتي لا نعمة مثلها ، لأنَّها السبيل إلى النجاة في الدنيا والآخرة .. فرضي لهم الإسلام دينا.