من خلال المهمّة الّتي أرسله صاحبه لتحقيقها لحسابه.
وقد جاء عن ابن عباس ، كما في الدر المنثور للسيوطي ، في المسلم يأخذ كلب المجوسي المعلم أو بازه أو صقره مما علمه المجوسي فيرسله فيأخذه قال : لا تأكله ، وإن سميت ، لأنّه من تعليم المجوسي ، وإنّما قال : (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) (١). مما يوحي بأنّه استفاد من الآية اختصاص الحل بتعليم المؤمنين ، ولكن الظاهر أنّ الخصوصيّة للتعليم الّذي ألهمه الله لعباده ، لا لخصوصيّة المعلِّم من حيث كونه مؤمنا أو لا. (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) قبل أن ترسلوه إليه ، فإنّ الله أراد للإنسان أن ينطلق في قتل الحيوان باسمه ، لأنّه خالقه ، فليس له أن يقتله إلّا على أساس وحيه ورخصته به ، ليكون ذلك وسيلة للخروج من الحالة الذاتيّة الغريزيّة العدوانيّة إلى الحالة الروحيّة المتحركة في دائرة أمر الله ونهيه ، بحيث يعيش الإنسان معنى العبوديّة لله في علاقته بالحيوان في حاجاته للتغذي به. والله العالم.
(وَاتَّقُوا اللهَ) في ذلك كلّه ، وذلك بالوقوف عند حدوده تعالى في نوع الحيوان الّذي يحل أكله ، وفي شروط الصّيد ، فلا تبتعدوا عن شريعته في ذلك ، فإنّ للأكل تقواه في الحلال والحرام منه ، كما لكل شيء تقواه في أعمال الإنسان العامة ، ولا بدّ للإنسان من أن يحرّك التقوى في كل تفاصيل حياته ليكون في خط العبوديّة في حياته كلها. (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) في ما يحصيه من أعمال عباده ويحاسبهم عليها لموافقتها أو مخالفتها لأوامره ونواهيه. هذا وقد اختلف الفقهاء في اختصاص حليّة الصّيد بالكلب المعلّم أو شموله لكل حيوان معلّم ، سواء كان صقرا أو فهدا أو كلبا أو غيرها .. فأخذ بعضهم بعموم الجوارح واعتبر كلمة (مُكَلِّبِينَ) واردة على سبيل التشبيه ، لأنّ الغالب في الحيوان الصائد أن يكون كلبا ، وبعضهم اعتبر هذه الكلمة قيدا فقال
__________________
(١) السيوطي ، عبد الرحمن جلال الدين ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، دار الفكر ، ١٩٩٣ م ـ ١٤١٤ ه ، ج : ٣ ، ص : ٢٣.