الاختلاف في قراءة «وأرجلكم»
(وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) وهما العظمان الناتئان في ظهر القدم ، وقيل : إنّهما عظما الساقين. وقد اختلف المفسرون في حقّ الرّجلين في الوضوء أهو المسح أم الغسل؟ فقال جمهور الفقهاء من أهل السنّة بالغسل ، وقالت الإماميّة بالمسح دون غيره ، وبه قال عكرمة. وقد روي القول بالمسح عن جماعة من الصحابة والتابعين كابن عباس وأنس وأبي العالية والشعبي ، وقال الحسن البصري بالتخيير بين المسح والغسل ، وإليه ذهب الطبري والجبائي ، إلّا أنّهما قالا : يجب مسح جميع القدمين ولا يجوز الاقتصار على مسح ظاهر القدم. وقال ناصر الحق من أئمة الزيديّة : يجب الجمع بين المسح والغسل.
* * *
وقد اعتمد فقهاء السنّة على قراءة (وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب ، لأنّها بذلك تكون معطوفة على (وَأَيْدِيَكُمْ) دون (بِرُؤُسِكُمْ) المجرورة بالباء. وقول القائلين بالمسح أساسه أنّ العطف قد يكون على المحل كما يكون على اللفظ ، والمفروض أنّ (بِرُؤُسِكُمْ) في محل نصب على المفعوليّة ، فيكون العطف بالنصب عليها مبرّرا بحسب القواعد العربيّة ، كما أنّ هناك أكثر من قارئ قرأها بالنصب ، مع ملاحظة أنّ العطف على الأيدي لا مبرر له من ناحية بلاغة التعبير القرآني وفصاحته ، وذلك لوجود الفاصل بين الأيدي والأرجل وهو قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) ، ولو كانت معطوفة على الأيدي لقال : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) ولم يفصل بينهما بمسح الرأس. وإذا كان ما ذكر جائزا ، فإنّه خلاف الفصاحة القرآنيّة الّتي تجسد أعلى مستويات الفصاحة والبلاغة المعجزة.
إنّ قراءة (وَأَرْجُلَكُمْ) بالنصب معطوفة على (وَأَيْدِيَكُمْ) يوجب