الّذي يوحي بأنّ الإنسان القذر بعيد عن الله في بدنه وروحه.
أمّا التيمم ، فإنّه يمثّل البديل الإيحائيّ عن الوضوء والغسل عند عدم وجود الماء أو عدم التمكن من استعماله ، حتّى لا يبقى المكلّف من دون بديل ، فكان التراب أو الأرض هو الواجب الجديد الّذي يوحي بالمعنى الروحيّ العباديّ ، على أساس مسح الجبهة بالتراب ، وكذلك الكفين ، مما يدل على الخضوع لله والتواضع له مع ما يمثّله اشتراط الصعيد بالطهارة من إيحاءات الطهارة ، واشتراط نيّة ، القربة فيه الذي يجعل الإنسان يفكر بأنّ الله خلقه من تراب ليتعبّد إلى الله في خلقه ، ليعبّر ذلك عن إيحاء روحيّ ينساب في وجدانه ، ليدخل إلى الصلاة في طهارة ترابيّة عباديّة تنفتح به على سرّ وجوده ليتكامل في موقفه بين يدي ربّه في إحساسه الروحيّ بالأرض الّتي جاء الحديث النبويّ الشريف فيها :
«جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» (١). ممّا يعني بأنّها رمز الطهارة كما هي موضع السجود. والله العالم.
وهكذا شرّع الله هذه الطهارات الّتي لم يرد لكم أن تقفوا من خلالها في حرج ، بل ليطهركم في أبدانكم وأرواحكم ، (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) لما يحققه لكم من المصالح المتصلة بحياتكم الروحيّة والماديّة بحيث تحصلون من خلال ذلك على السعادة والطمأنينة والاستقرار في كل أموركم العامّة والخاصة ، من خلال التشريع الإلهي الكامل الشامل ، (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله على ذلك كلّه ليزيدكم من نعمه الوافرة بمقتضى وعده ، (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم : ٧].
* * *
__________________
(١) (م. س) ، ج : ٢ ، باب : ٧ ، جواز التيمم بالتراب والحجر وجميع أجزاء الأرض دون المعادن ونحوها ، ص : ٩٧٠ ، رواية : ٢.