الخالي من الخلفيات الذاتية التي تشوّه ملامح الأمور ، فيرون أن (الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَ) من خلال مضمونه الذي يوحي بأنه وحي من الله في ما يعنيه ذلك من تجسيده للحقيقة الواضحة (وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) وهو الطريق الذي خطّه الله لعباده ليسيروا عليه ، ليبلغوا سعادتهم في الدنيا والآخرة في ما يكتشفونه من مواقع رضاه ، في قناعة عميقة توحي إليهم بالقوّة في الموقف ، لأنه العزيز الذي لا يغلب على أمره ، وبالحكمة في المنهج والحركة ، لأنه المحمود الذي تتحرك حكمته في أوامره ونواهيه لتكون آية على حمده في كل ذلك ، في ما يمثله من المصلحة الكامنة في مضمون الخط كله.
إن القضية التي يثيرها القرآن ـ دائما ـ في ساحة الصراع العقيدي ، بين ما يطرحه من عقائد وأفكار ، وما يطرحه الآخرون من أضاليل وأكاذيب ، تحتاج إلى الأجواء الفكرية الهادئة التي يتحرك في داخلها العلماء المفكرون الذين يحاكمون الأمور بدقّة ، ويفكرون فيها بعمق ، فهم ، وحدهم ، الذين يستطيعون الوصول إلى الحقيقة من أقرب طريق ، لأن القضايا الفكرية لا تحلّ بالمشاعر الملتهبة والنظرات السريعة التي تتحرك في نطاق الغوغاء.
* * *