(مُنِيبٍ) : راجع.
* * *
الكافرون يستغربون فكرة البعث والقرآن يردّ
هل يملك الكافرون بالآخرة غير أساليب السخرية والاستهزاء ، عند ما تعوزهم أساليب الفكر والعلم؟
هكذا كان موقفهم أمام فكرة الإيمان بالآخرة التي قدّمها النبيّ ، كما قدّمها الأنبياء من قبله ، على أساس إمكان الفكرة في مضمونها العقيدي ، وعلى أساس صدقها من خلال صدق الوحي النازل من الله سبحانه وتعالى.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالآخرة ، وهم يشيرون إلى رسول الله بإشارات توحي بالاستهزاء ، وتدعو إلى الإنكار والاستغراب ، ليطرحوا المسألة التي يثيرها في دعوته ، كما لو كانت من المسائل غير القابلة للنقاش ، لأن الفكر العاديّ يرفضها بشكل عفويّ سريع من دون مناقشة ، (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ) وتقطعت أوصالكم ، وتفرقت أجسادكم ، حتى تحوّلت إلى عظام نخرة موزعة بين نواحي الأرض ، وإلى ذرأت ضائعة في التراب ، (إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) كما كنتم في الخلق الأوّل في حيوية الحياة وحركتها ونضارتها وتجدّدها وفاعليتها! إنه كلام غير معقول ، ومع ذلك ، فإنه ينسبه إلى وحي الله ، (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فهو شخص يملك عقله ، ويفكر بطريقة واعية ، للوصول إلى هدف شخصيّ معين ، فيتعمّد الكذب على الله ، ليعطي لكلامه قداسة الأنبياء ، (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) فهو يتكلم بما لا يعقل ، فيلقي الكلام جزافا ، من دون وعي لما يدل عليه ، ومن غير قصد لما ينتهي إليه من أمور.