المترفون في سلوكهم ضدّ الرسالات
لعل مشكلة الكثيرين من المجتمعات في ضلالها وكفرها وفسقها وفجورها وظلمها وانحرافها ، هي مشكلة المترفين الذين لا يمثل الترف لديهم حالة من النعيم المادي يعيشونه في حياتهم ويتيح تحقيق ما يطلبونه لأنفسهم من ملذات ومشتهيات من خلال ما يملكونه من المال والجاه ، بل يمثل حالة نفسية متعالية ، ووضعا طبقيّا معقدا ، من خلال المواقع التي يتحركون فيها ، والقضايا التي يثيرونها ، والصراع الذي يخوضونه ضد دعاة الإيمان والخير والصلاح ، الذين يريدون تغيير المجتمع الطبقي إلى مجتمع يتساوى أفراده في الحقوق والواجبات ، وتغيير القيم الإنسانية العامة ، من قيم مادية يكون فيها للمال الحظ الأوفر والدرجة العليا في الحياة الاجتماعية العامة ، إلى قيم روحية ، يكون فيها للإيمان والخلق والعمل الصالح ، في ما تمثله التقوى على الصعد الفكرية والأخلاقية والعملية في حياة الناس ، النصيب الكبير.
ويقف هؤلاء المترفون دائما ليواجهوا الرساليين ، بكل وسائل المواجهة الإعلامية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، بما يطلقونه من أضاليل ، وما يثيرونه من شبهات واتهامات ، وما يحركونه من فتن ومؤامرات ، حفاظا على امتيازاتهم الذاتية والطبقية من خط الرسالات ، ودعاة الإصلاح ، وهذا هو ما تتناوله هذه الآيات في معالجتها للتحديات التي تواجه المرسلين والمنذرين ، لتناقش الطروحات المنحرفة التي يحاول هؤلاء المترفون التأثير من خلالها ، على ذهنية الناس البسطاء.
(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ) لينذر الناس بعذاب الله ، إذا انحرفوا عن خط الإيمان برسالته (إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) الذين يعتبرون الترف ، في عمقه المالي والطبقي ، وامتداده الاجتماعي والسياسي ، أساسا للقيمة الذاتية عندهم ، (إِنَّا