وجود موضوعه ، ففي مثل قوله : العنب يحرم مائه إذا غلى يكون الموضوع للحرمة هو العنب المغلى لرجوع قيود الحكم طرا إلى الموضوع ، فلو شك قبل تحقق الغليان في بقاء الحرمة لأجل تبدل بعض حالات الموضوع لا يجرى فيه الاستصحاب ، إذ لا ثبوت للمستصحب سابقا ( ولكن ) الأقوى خلافه ( وتحقيق ) الكلام في المقام يستدعي تقديم أمور : ( الأول ) ان الحكم المستصحب اما ان يكون مطلقا غير معلق على شيء حتى بالنسبة إلى وجود موضوعه بحيث يقتضي وجوب تحصيله مهما أمكن بما له من القيود المعتبرة فيه ولو بايجاده وتكوينه في الخارج ، نظير الامر بشرب الدواء ، واما ان يكون معلقا بشيء هو وجود موضوعه ، أو قيوده وحالاته ، أو امر خارج عن حدود موضوعه ( وعلى الأخير ) فالتعليق اما ان يكون واردا في لسان الدليل ، كقوله : العنب يحرم مائه إذا غلى ، واما ان يكون منتزعا من كيفية جعل الحكم الشرعي لعنوان مخصوص بنحو التنجيز كقوله : يجب اكرام العالم ، حيث إن العقل ينتزع من مثل هذا الحكم المنشأ قضية تعليقية بأنه لو وجد انسان وكان عالما لوجب اكرامه ولا يحكم بوجوب تحصيله مقدمة للاكرام الواجب ( ولا فرق ) ظاهرا في اعتبار الاستصحاب على القول به في القضايا التعليقية بين القسمين المزبورين ، إذ لا وجه لتخصيص اعتباره بالأول دون الثاني الا توهم ان القضية المستصحبة في مثله ليست شرعية ولا لها اثر شرعي ، بل عقلية محضة
( ولكنه ) مندفع بما بيناه مرارا من أنه يكفي في شرعية الأثر في باب الاستصحاب. مجرد كون الشيء مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع ولو بالواسطة ، فإذا كان منشأ انتزاع هذه القضية العقلية التعليقية قضية شرعية يجري فيها الاستصحاب ( وبذلك ) قلنا : ان البحث في جعلية الأحكام الوضعية وانتزاعيتها من التكليف قليل الجدوى في باب الاستصحاب ، لأنه على الانتزاعية أيضا يجرى فيها الاستصحاب ، لكفاية مجرد انتهائها إلى الشارع وضعا ورفعا في الشرعية المعتبرة في باب الاستصحاب. ( الامر الثاني ) قد تكرر منا مرارا الفرق بين القيود الراجعة إلى مفاد الخطاب أعني الحكم والتكليف ، وبين القيود الراجعة إلى موضوعه ، فان