شرح إعراب سورة مريم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال أبو جعفر : لا اختلاف في إسكانها. قال أبو إسحاق : أسكنت لأنها حروف تهجّ النيّة فيها الوقف. قرأ أهل المدينة بين التفخيم والإمالة ، وروى محمّد بن سعدان عن أبي محمد عن أبي عمرو بن العلاء أنه قرأ (كهيعص) (١) الياء ممالة والهاء بين التفخيم والإمالة والصاد مدغمة ، وحكى أبو عبيد أنّ حمزة كان يميل الياء ويفخم الهاء ، وأن عاصما والكسائي كانا يكسران الهاء والياء ، وحكى خارجة أن الحسن كان يضمّ كاف ، وحكى غيره أنه كان يضم «ها» ، وحكى إسماعيل بن إسحاق أن الحسن كان يضمّ يا ، قال أبو حاتم لا يجوز ضم الكاف ولا الهاء ولا الياء. قال أبو جعفر :
قراءة أهل المدينة من أحسن ما في هذا والإمالة جائزة في «ها» وفي «يا» وما أشبههما نحو با وتا وثا إذا قصرت ، وهذا قول الخليل وسيبويه (٢). قال : وحكى لي علي بن سليمان أنّ البصريين ينفردون بالكلام في الإمالة ، وأن الكوفيين لم يذكروا ذلك كما ذكروا غيره من النحو وإنما جازت الإمالة عند سيبويه والخليل (٣) فيما ذكرناه لأنها أسماء ما يكتب ففرقوا بينها وبين الحروف ، نحو «لا» و «ما» ، ومن أمال منها شيئا فهو مخطئ ، وكذلك «ما» التي بمعنى الذي ، ولا يجيز أن تمال «حتّى» ولا «إلّا» التي للاستثناء ؛ لأنهما حرفان وإن سمّيت بهما جازت الإمالة ، وأجازا «أنّى» لأنها اسم ظرف كأين وكيف ، ولا يجوز إمالة كاف لأن الألف متوسطة. فأما قراءة الحسن فقد أشكلت على جماعة حتّى قالوا : لا تجوز ، منهم أبو حاتم. والقول فيها ما بينه هارون القارئ.
قال : كان الحسن يشمّ الرفع فمعنى هذا أنه كان يومئ ، كما حكى سيبويه أن من العرب من يقول : الصلاة والزكاة يومئ إلى الواو ، ولهذا كتبت في المصاحف بالواو.
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٢٠.
(٢) انظر الكتاب ٤ / ٢٤٨.
(٣) انظر الكتاب ٤ / ٢٤٨.