سوقهم لشدّة ما هم فيه ، ذلك مستعمل في كلام العرب ، وساق مؤنّثة تصغّر بالهاء. (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) قيل : إنما يدعون إلى السجود ليوبّخوا بذلك فيقال لهم : قد دعيتم إلى السجود الذي ينفعكم في الدنيا فأبيتم فهلمّ فاسجدوا الساعة لأنها ليست دار محنة ولا ينفع فيها السجود فيكون المعنى على هذا وهم لا يستطيعون أن يسجدوا سجودا ينتفعون به ، وقيل : بل تجفّ أصلابهم عقوبة فلا يستطيعون السجود.
(خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) (٤٣)
(خاشِعَةً) نصب على الحال. (أَبْصارُهُمْ) رفع بالخشوع ، ويجوز رفعهما جميعا على المبتدأ وخبره. (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) في موضع نصب أيضا على الحال ، ويجوز قطعه من الأول. (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) أي في الدنيا.
(فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) (٤٤)
(مَنْ) في موضع نصب عطف ، وإن شئت كان مفعولا معه (الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) في معناه قولان : أحدهما سنمتّعهم ونوسع عليهم في الدنيا حتى يتوهموا أن لهم خيرا ويغتروا بما هم فيه من النعمة والسّرور فنأخذهم بغتة كما روى أبو موسى عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله عزوجل ليمهل الظّالم حتى إذا أخذه لم يفلته» ثم قرأ : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ) (١) وقيل : سنستدرجهم من قبورهم إلى النار.
(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٤٥)
(وَأُمْلِي لَهُمْ) بإسكان الياء والأصل ضمها ؛ لأنه فعل مستقبل فحذفت الضمة لثقلها. (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) أي قوي شديد.
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) (٤٦)
وقراءة نافع بضم الميم الأولى وإسكان الثّانية. قال أبو جعفر : جاء بالأولى على الأصل فاختار هذا لأنها إذا لقيت ألف وصل ضمّت لا غير فأجرى ألف القطع مجراها ، وقيل : جاءباللغتين جميعا كما قرأ (مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا)] الشورى : ٢٨] وقرأ : (لا تَقْنَطُوا)] الزمر : ٥٣] وقل من يحتجّ له من أصحابه أو غيرهم.
(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) (٤٧)
__________________
(١) ذكره البغوي في شرح السنة ١٤ / ٣٥٨ ، والبيهقي في الأسماء والصفات ٤١ ، والمتقي الهندي في كنز العمال (٢١٣٩٨) ، والعجلوني في كشف الخفاء ٢ / ٦٥.