عن ذلك أئمة المسلمين بأجوبة ، منها الغثّ والسمين .. فمنها :
أولا : ما روى عن قتادة ومقاتل : «أن النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ، أصابته سنة عند قراءته هذه السورة ، فجرى على لسانه هذا الكلام بحكم النوم» ..
وهذا لا يصح ، إذ لا يجوز على النبىّ مثله ، فى حالة من أحواله ، ولا يخلقه الله على لسانه ، ولا يستولى الشيطان عليه ، فى نوم ولا يقظة ، لعصمته فى هذا الباب ، من جميع العمد والسهو.
ثانيا : وفى قول : «أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم حدّث نفسه ، فقال ذلك الشيطان على لسانه ..» وفى رواية «ابن شهاب» عن أبى بكر بن عبد الرحمن قال : «وسها ـ أي النبي ـ فلما أخبر بذلك قال : إنما ذلك من الشيطان».
ويرد القاضي عياض على هذه الروايات بقوله : «كل هذا لا يصحّ أن يقوله النبىّصلىاللهعليهوسلم ، لا سهوا ولا قصدا ، ولا يتقوله الشيطان على لسانه .. ثالثا : وقيل : «لعلّ النبي صلىاللهعليهوسلم قاله ـ أي هذا القول ـ أثناء تلاوته ، على تقدير التقرير والتوبيخ للكفار ، كقول إبراهيم ـ عليهالسلام : (هذا رَبِّي) على أحد التأويلات (١) (وأن النبىّ إذ قال ذلك قاله) بعد السّكت ، وبيان الفصل بين الكلامين ، ثم رجع إلى تلاوته ..»
يقول القاضي عياض : «وهذا ممكن ، مع بيان الفصل وقرينة تدل على المراد ، وأنه ليس من المتلوّ ، أي ليس من القرآن» .. اه.
* * *
__________________
(١) من التأويلات التي يذهب إليها المفسرون فى قول إبراهيم (هذا رَبِّي) عن الكوكب والقمر والشمس ، أنه قال ذلك على طريق الاستفهام المراد به السخرية والاستهزاء ، أي : «أهذا ربى»؟ استصغارا لشأنه.