المستوي الرفيع ، الذي تحدث به الآيات .. أنهم فى شغل بما هم فيه من صلات مع آلهتهم .. والمشغول ـ كما يقولون ـ لا يشغل!
وفى تسمية هذه الصلات التي بين المشركين وبين معبوداتهم ـ بالأعمال ، إشارة إلى أنها مجرد حركات ، ورسوم ، لا تتصل بالعقل أو القلب .. إنها حركات وصور مرسومة ، توارثها القوم عن آبائهم ، فكانت أشبه شىء بالعمل الآلى الذي لا يتصل بعقل الإنسان أو قلبه ..
ـ وفى قوله تعالى : (هُمْ لَها عامِلُونَ) تقريع وتوبيخ لهؤلاء المشركين ، الذين يؤدون هذه الأعمال ويحتشدون لها ، ويضيعون أوقاتهم وأعمارهم فيها .. على حين أنّها عبث ولغو ، ولعب أشبه بلعب الأطفال! فهم وهذه الأعمال على سواء .. هى أعمال تافهة ، يأتيها أناس تافهون!
قوله تعالى :
(حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ).
الجأر ، والجؤار : الصراخ.
والمعنى : أن هؤلاء المشركين الغافلين عن آيات الله ، المشغولين بهذا العبث الذي هم فيه مع معبوداتهم ـ سيظلون على ما هم فيه من غفلة ، حتى إذا جاء وقت الحساب والجزاء ، وسيقوا إلى جهنم ـ فزعوا ، وعلا صياحهم ، وارتفع صراخهم ، من هذا الهول الذي هم فيه ..
وفى اختصاص المترفين من المشركين بالذكر ، عرض لأبرز مثل فيهم ، وهم المنعمون من المشركين ، أصحاب المال ، والجاه .. فهؤلاء إذا أخذوا ، وفعل بهم هذا البلاء ، ولم يغن عنهم ما لهم ولم يشفع لهم جاههم ـ كان غيرهم ممن لا مال له ولا جاه ، أشدّ خوفا من لقاء هذا العذاب ، الذي ينتظره ، وقد سبقه