يبلغه المشركون من النبىّ وصاحبه الصديق ، لو أنهم ظفروا بهما ، وقد كانوا على بضع خطوات منهما!!
وإنه ليس لهذه الآلام النفسية القاسية من شفاء إلا فى آيات الله ، التي يقول سبحانه وتعالى فيها : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ..) (٨٢ : الإسراء) وقد نزل ما فيه الشفاء والرحمة : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ ..) فأخذ أو بكر نصيبه من هذا من الشفاء والرحمة.
وفى حديث الإفك ، كان المنافقون ومرضى القلوب من المسلمين ، يمثّلون دور المشركين فى مكة .. لقد آذوا النبىّ فى مشاعره ، وفى الدعوة التي يقوم عليها ، إذ أن هذا الحديث لو جرى إلى غايته ، ولم تعالجه السماء بهذا الدواء الرباني ، لكان معولا يهدم فى صرح الإسلام ، الذي لم يتم بناؤه بعد ، ولكان فى يد الذين يكيدون لهذا الدين حجة قوية عليه ، فى عدوان أصحاب النبىّ على حرماته ومقدساته ، لا يخافون عقاب الله ، ولا يوقّرون الذي يدعوهم إلى الله .. ولكان لقائل أن يقول : إن أصحاب محمد هؤلاء ، لو وجدوا فى هذا الدين ، أو فى الداعية إلى هذا الدين ما يبعث فى قلوبهم خشية ، أو توقيرا لما جرؤ أحدهم على فعل هذا الذي يجرى به هذا الحديث الأثيم!
نعم .. لقد كان النبىّ ، ومعه صاحبه أبو بكر ، ومعه المؤمنون الصادقون ، يجدون من وقع ألسنة الذين جاءوا بهذا الإفك ، ما كانوا يجدونه وهم فى مكة على يد المشركين ، وما يرمونهم به من ضرّ وأذى ..
وكان فراق النبىّ للسيدة عائشة ، وقبول انتقالها إلى بيت أبويها لتمرّض هناك وتستشفى مما ألمّ بها ، أشبه بفراقه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لبلده ، وأهله ، إلى حيث يطلب السلامة والعافية ، فى مهاجره الذي هاجر إليه.