وقوله :
«أنت يا علي تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي» (١).
فإذا كان القرآن وهو كتاب الله العزيز يتطلب من يقاتل في سبيل تفسيره وتوضيحه ، لأنه كتاب صامت لا ينطق ، وهو حمال أوجه متعددة وفيه الظاهر والباطن فكيف بالأحاديث النبوية؟!
وإذا كان الأمر كذلك في الكتاب والسنة ، فلا يمكن للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يترك لأمته ثقلين صامتين أبكمين لا يتورع الذين في قلوبهم زيغ أن يتأولوهما لغرض ويتبعوا ما تشابه منهما ابتغاء الفتنة وابتغاء الدنيا ويكونوا سببا لضلالة من يأتي بعدهم ، لأنهم أحسنوا الظن بهم واعتقدوا بعد التهم ويوم القيامة يندمون فيصدق فيهم قوله تعالى : (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ، وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ، رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) (٢) (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ ، رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ ، قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) (٣)
وهل كانت الضلالة إلا من ذلك؟ فليس هناك أمة لم يبعث الله فيهم رسولاً أوضح لهم السبيل وأنار لهم الطريق ولكنهم بعد نبيهم راحوا يحرفون ويتأولون ويبدلون كلام الله! فهل يتصور عاقل أن رسول الله عيسى (عليهالسلام) قال للنصارى بأنه إله؟ حاشا وكلا (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) ولكن الأهواء والأطماع وحب الدنيا هو الذي جر النصارى لذلك ألم يبشرهم
__________________
(١) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٢٢ تاريخ دمشق لابن عساكر ج ٢ ص ٤٨٨.
المناقب للخوارزمي ص ٢٣٦ كنوز الحقائق للمناوي ص ٢٠٣.
منتخب كنز العمال ج ٥ ص ٣٣ ينابيع المودة ص ١٨٢.
(٢) سورة الأحزاب آية ٦٦ ٦٨.
(٣) سورة الأعراف آية ٣٨.