القضاء والقدر
(عند أهل السنة)
كان موضوع القضاء والقدر لغزاً عويصاً في ما مضى من حياتي إذ لم أجد فيه تفسيراً شافياً وكافياً يريح فكري ويقنع قلبي ، وبقيت محتاراً ، بين ما تعلمته في مدرسة اهل السنة من أن الإنسان مسيّر في كل أفعاله بما يوافق : «كل مسيّر لما خلق له» وأن الله سبحانه يبعث إلى الجنين في بطن أمه ملكين من الملائكة فيكتبان أجله ورزقه وعمله ، وإن كان شقياً أو سعيداً (١) ، وبين ما يمليه عقلي وضميري ، من عدالة الله سبحانه وتعالى وعدم ظلمه لمخلوقاته ، إذ كيف يجبرهم على أفعال ثمّ يحاسبهم عليها ويعذبهم من أجل جرم كتبه هو عليهم وأجبرهم عليه.
فكنت كغيري من شباب المسلمين أعيش تلك التناقضات الفكرية في تصوري بأن الله سبحانه هو القوي الجبار الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (٢) وهو فعال لما يريد (٣) وقد خلق الخلق وجعل قسماً منهم في الجنة
__________________
(١) صحيح مسلم ج ٨ ص ٤٤.
(٢) سورة الأنبياء آية ٢٣.
(٣) سورة البروج آية ١٦.