بعضه على بعض ، بغير صانع وإلا بأن ، كان جاهلا. واذا كان تحول النطفة علقة ، ثم مضغة ، ثم لحما ودما وعظما ، أعظم فى الأعجوبة ، كان أولى أن يدل على صانع صنع النطفة ونقلها من حال الى حال. وقد قال الله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ. أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) (١) فما استطاعوا أن يقولوا بحجة انهم يخلقون ما يمنون مع تمنيهم الولد فلا يكون ومع كراهتهم له فيكون. وقد قال الله تعالى منبها (٢) لخلقه على وحدانيته : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٣) بين (٤) لهم عجزهم وفقرهم الى صانع صنعهم ومدبر دبرهم.
فان قالوا : فما يؤمنكم أن تكون النطفة لم تزل قديمة؟ قيل لهم (٥) : لو كان ذلك كما ادعيتم لم يجز أن يلحقها الاعتمال والتأثير ، ولا الانقلاب والتغيير ؛ لأن القديم لا يجوز انتقاله وتغيره ، وأن يجرى عليه سمات الحدث ؛ لأن ما جرى ذلك عليه ولزمته الضعة (٦) لم ينقل من سمات الحدث ، وما لم يسبق المحدث كان محدثا مصنوعا ؛ فبطل بذلك قدم النطفة وغيرها من الأجسام.
مسألة
فان قال قائل : لم زعمتم أن البارى سبحانه لا يشبه المخلوقات؟ قيل (٧) (له) (٨) : لأنه لو أشبهها لكان حكمه فى
__________________
(١) سورة ٥٦ الآيتان ٥٨ ، ٥٩.
(٢) ل : نقلها الناسخ : مبينا.
(٣) س ٥١ الآية ٢١.
(٤) م : يبين.
(٥) ب ، ل : له.
(٦) ل : نقلها الناسخ : الصغر
(٧) نقلها الناسخ : قليل
(٨) ليست فى الأصل.